وقال «الزجاج» : «المنّ : ما يمنّ الله ـ عزوجل ـ به مما لا تعب فيه ولا نصب».
روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الكمأة من المنّ وماؤها شفاء للعين» (١).
«والسّلوى» قال «ابن عباس» وأكثر المفسرين : هو طائر يشبه السّماني (٢).
وقال أبو العالية ومقاتل : هو السّماني.
وقال «عكرمة» : طير «الهند» أكبر من العصفور.
وقيل : السّلوى : العسل نقله المؤرّج (٣) ، وأنشد قول الهذليّ : [الطويل]
٥٠٧ ـ وقاسمها بالله جهدا لأنتم |
|
ألذّ من السّلوى إذا ما نشورها (٤) |
وغله «ابن عطية» وادّعى الإجماع على أن السّلوى : طائر ، وهذا غير مرض ، فإن «المؤرج» من أئمة اللغة والتفسير ، واستدلّ ببيت الهذلي ، وذكر أنه بلغة «كنانة». وقال «الراغب» : «السّلوى مصدر ، أي : لهم بذلك التّسلّي».
قوله : (وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ) تقديره : وجعلنا الغمام يظلّلكم.
قال «أبو البقاء» : ولا يكون كقولك : «ظلّلت زيدا يظلّ» ؛ لأن ذلك يقتضي أن يكون الغمام مستورا بظل آخر.
وقيل التقدير : بالغمام ، وهذا تفسير معنى لا إعراب ، لأن حذف الجر لا ينقاس.
فصل في اشتقاق الغمام
الغمام : السّحاب ، لأنه يغم وجه السماء ، أي : يسترها ، وكل مستور مغموم أي مغطى.
__________________
(١) أخرجه البخاري (٦ / ٢٢) ومسلم في كتاب الأشربة ١٥٧ والترمذي (٢٠٦٦) وابن ماجه (٣٤٥٣) وأحمد (١ / ١٨٧ ، ١٨٨) والبيهقي (٩ / ٣٤٥) والحميدي رقم (٨١) والطبراني في «الأوسط» (١ / ١٢٥).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢ / ٩٦).
(٣) مؤرج بن عمرو بن الحارث من بني سدوس بن شيبان أبو فيد. عالم بالعربية والأنساب من أعيان أصحاب الخليل بن أحمد من أهل البصرة كان له اتصال بالمأمون العباسي ، ورحل معه إلى خراسان فسكن مدة بمرو ، ثم انتقل إلى نيسابور من كتبه : جماهير القبائل ، و «غريب القرآن» وكتاب «الأمثال» ، و «المعاني» وله شعر جيد.
ينظر الأعلام : ٧ / ٣١٨ (٢٥٦٩) ، وفيات الأعيان : ٢ / ١٣٠ ، بغية الوعاة : ٤٠٠ ، نزهة الألبأ : ١٧٩ ، إنباه الرواة : ٣ / ٣٢٧.
(٤) ينظر ديوان الهذليين : ١ / ١٥٨ ، اللسان (سلا) ، المحرر الوجيز : ١ / ٢٨٣ ، مجمع البيان : ١ / ٢٥٨ ، روح المعاني : ١ / ٢٦٢ ، الدر المصون : ١ / ٢٣٠.