وقيل : الغمام : السّحاب الأبيض خاصّة ، ومثله : الغيم والغين ـ بالميم والنون ـ وفي الحديث : «إنه ليغان على قلبي» (١).
وواحدته «غمامة» فهو اسم جنس. و «المنّ» تقدم تفسيره ، ولا واحد له من لفظه.
والمنّ ـ أيضا ـ مقدار يوزن به ، وهذا يجوز إبدال نونه الأخيرة حرف علّة ، فيقال : منا مثل : عصا ، وتثنيته : منوان ، وجمعه : أمناء. والسّلوى تقدمت أيضا ، واحدتها : سلواة ؛ وأنشدوا : [الطويل]
٥٠٨ ـ وإنّي لتعروني لذكراك سلوة |
|
كما انتفض السّلواة من بلل القطر (٢) |
فيكون من باب «قمح وقمحة».
وقيل : سلوى مفرد وجمعها : سلاوى ك «فتوى وفتاوى» قاله «الكسائي».
وقيل : سلوى يستعمل للواحد والجمع ك : دفلى. و «السّلوانة» ـ بالضم ـ خرزة كانوا يقولون : إذا صبّ عليها ماء المطر فشربه العاشق سلا ؛ [قال : [الطويل]
٥٠٩ ـ شربت على سلوانة ماء مزنة |
|
فلا وجديد العيش يا ميّ ما أسلو (٣)](٤) |
واسم ذلك الماء «السّلوان».
وقال بعضهم : «السّلوان» دواء يسقاه الحزين فيسلو ، والأطباء يسمونه المفرّح.
يقال : سليت وسلوت ، لغتان. وهو في سلوة من العيش ، قاله «أبو زيد».
و «السّلوى» عطف على «المنّ» لم يظهر فيه الإعراب ، لأنه مقصور ، وهذا في المقصور كلّه ؛ لأنه لا يخلو من أن يكون في آخره ألف.
قال الخليل : «والألف حرف هوائيّ لا مستقرّ له ، فأشبه الحركة ، فاستحالت حركته».
وقال «الفراء» : «لو حركت الألف صارت همزة».
فصل في سبب تقديم المن على السلوى
فإن قيل : المعهود تقديم الأهم [فالأهم](٥) والمأكول مقدّم على الفاكهة والحلوى ؛ لأن به قيام البنية ، فالإنسان أول ما يأكل الغذاء ، ثم بعد الشّبع يتحلّى ويأكل الفاكهة وهاهنا قدم المنّ وهو الحلوى على الغذاء وهو السلوى فما فائدته؟
فالجواب : أن نزول الحلوى من السماء أمر مخالف للعادة ، فقدم لاستطعامه
__________________
(١) أخرجه مسلم (٤ / ٢٠٧٥) رقم (٤١ / ٢٧٠٢) وأبو داود (١٥١٥) وأحمد (٤ / ٢١١) والبيهقي (٧ / ٥٢) والطبراني (١ / ٢٨٠) والبخاري في التاريخ الكبير (٢ / ١٣).
(٢) تقدم برقم (٤٢١).
(٣) ينظر القرطبي : ١ / ٢٧٧.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في ب.