عند قوله : (مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) [البقرة : ٢٥] قاله ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ. قال ابن فارس : ويقال : «إنّ [النّهار](١) فرخ الحبارى» وقدم اللّيل على النّهار لأنّه سابقه ؛ وقال تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) [يس : ٣٧] وهذا أصحّ القولين.
وقيل : النّور سابق الظلمة ، وينبني على هذا الخلاف فائدة ، وهي أنّ الليلة ، هل هي تابعة لليوم [قبلها ، أو لليوم بعدها.
فعلى الصّحيح : يكون الليل لليوم بعدها ، فيكون اليوم تابعا لها ، وعلى الثاني : تكون لليوم قبلها ، فتكون اللّيلة تابعة له](٢).
فيوم عرفة ؛ على الأوّل : مستثنى من الأصل ؛ فإنّه تابع للّيلة الّتي بعده ، وعلى الثاني : جاء على الأصل.
قال القرطبي (٣) : وقسّم ابن الأنباريّ الزّمن ثلاثة أقسام :
قسما جعله ليلا محضا ؛ وهو من غروب الشّمس إلى طلوع الفجر ، وقسما جعله نهارا محضا ، وهو من طلوع الشّمس إلى غروبها ، وقسما جعله مشتركا بين النّهار واللّيل ؛ وهو من طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس ؛ لبقايا ظلمة اللّيل ، [ومبادىء ضوء النّهار].
قوله تعالى : «والفلك» عطف على «خلق» المجرور ب «في» لا على «السّموات» المجرور بالإضافة ، و «الفلك» يكون واحدا ؛ كقوله : (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [يس : ٤١] ، وجمعا كقوله : (فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) فإذا أريد به الجمع ، ففيه أقوال :
أصحّها ـ وهو قول سيبويه (٤) ـ : أنّه جمع تكسير ، وإن قيل : جمع التكسير لا بدّ فيه من تغيّر ما ، فالجواب : أنّ تغييره مقدّر ، فالضمة في حال كونه جمعا ، كالضمة في «حمر» و «ندب» وفي حال كون مفردا ، كالضّمّة في «قفل» ، وإنّما حمل سيبويه على هذا ، ولم يجعله مشتركا بين الواحد والجمع ؛ نحو : «جنب» و «شلل» [فلمّا ثنّوه ، وقالوا : فلكان ، علمنا](٥) أنّهم لم يقصدوا الاشتراك الّذي قصدوه في «جنب» و «شلل» ونظيره ناقة هجان ونوق هجان ، ودرع دلاص ، ودروع دلاص ، فالكسرة في المفرد كالكسرة في «كتاب» وفي الجمع كالكسرة في «رجال» ؛ لأنهم قالوا في التّثنية : هجانان ودلاصان.
الثاني : مذهب الأخفش : أنّه اسم جمع ، كصحب ، وركب.
الثالث : أنّه جمع «فلك» بفتحتين ، كأسد وأسد ، واختار أبو حيّان أنه مشترك بين
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر تفسير القرطبي : ٢ / ١٣٠.
(٤) ينظر الكتاب : ٢ / ١٨١.
(٥) سقط في ب.