ستّ جزائر تسمى الخالدات ، تقابل أرض الحبشة ، ويخرج منه خليج عظيم يمتد إلى أرض بلغار.
وأما بحر الرّوم وإفريقية [ومصر والشّام :] فيخرج منه إلى أرض البربر ، وفي هذا البحر مائة واثنتان وستّون جزيرة.
وأما بحر نيطش : فيمتدّ من اللاذقيّة إلى خلف قسطنطينيّة ، وأرض الرّوم والصّقالبة.
وأمّا بحر جرجان ، ويعرف ب «بحر السّكون» فيمتدّ إلى طبرستان والدّيلم ، وباب الأبواب ، وليس يتصل ببحر آخر ، فهذه هي [البحور] العظام ، وأما غيرها : فهي بطائح ؛ كبحيرة خوارزم ، وبحيرة طبريّة.
فصل في سبب تسمية البحر بالبحر
قال اللّيث : سمي البحر بحرا ؛ لاستبحاره ، وهو سعته وانبساطه ، ويقال : استبحر فلان [في العلم](١) ، إذا اتّسع فيه ؛ وتبحّر الرّاعي في الرّعي كثر ، وتبحّر فلان في المال.
وقال غيره : سمّي البحر بحرا ؛ لأنّه شقّ في الأرض ، والبحر الشّقّ ، ومنه البحيرة (٢).
قوله تعالى : (بِما يَنْفَعُ النَّاسَ). [في «ما» قولان :
أحدهما : أنها موصولة اسميّة ؛ وعلى هذا : الباء للحال ، أي : تجري مصحوبة بالأعيان الّتي تنفع النّاس.
الثّاني : أنها](٣) حرفيّة ، وعلى هذا تكون الباء للسّبب ، أي : تجري بسبب نفع النّاس في التّجارة وغيرها.
فصل في الاستدلال بجريان الفلك في البحر على وجود الصانع
فأما كيفيّة الاستدلال بجريان الفلك في البحر على وجود الصّانع تعالى وتقدّس :
فهو أنّ السّفن ، وإن كانت من تركيب النّاس إلّا أنّه تعالى [هو الّذي](٤) خلق الآلات الّتي يمكن بها تركيب هذه السّفن ، وتبحر بها الرياح ، وقوّى قلوب من ركبها ، وخصّ كلّ طرف من أطراف العالم بشيء معيّن ، وأحوج الكلّ إلى الكلّ ؛ حتّى صار ذلك داعيا يدعوهم إلى اقتحام هذه الأخطار في هذه الأسفار ، وسخّر البحر لحمل الفلك ، مع قوّة سلطان البحر إذا هاج ، وعظم هوله ، واضطربت أمواجه ، مع ما فيه من الحيوانات العظيمة ثم إنه تبارك وتعالى يخلّص السّفن عنها ويوصّلها إلى ساحل السّلامة ، وهذا امر
__________________
(١). سقط في ب.
(٢) ينظر تفسير الفخر الرازي : ٤ / ١٧٦.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في ب.