وقرأ حمزة (١) ، والكسائيّ هنا «الرّيح» بالإفراد ، والباقون (٢) بالجمع ، فالجمع لاختلاف أنواعها : جنوبا ودبورا وصبا وغير ذلك ، وإفرادها على إرادة الجنس ، وكلّ ريح في القرآن ليس فيها ألف ولام ، اتفق القرّاء على توحيدها ، وما فيها ألف ولام ، اختلفوا في جمعها ، وتوحيدها ، إلّا الرّيح العقيم في سورة الذّاريات [٤١] ، اتفقوا على توحيدها ، والحرف الأوّل من سورة الرّوم (الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) [الروم : ٤٦] اتفقوا على جمعها ، والرّياح : تذكّر ، تؤنّث.
فصل في بيان تصريف الرياح
وأمّا تصريفها : فإنها تصرّف إلى الشّمال والجنوب والقبول والدّبور ، وما بين كلّ واحد من هذه المهابّ ، فهي نكباء ، وقيل في تصريفها : إنها تارة تكون ليّنة ، وتارة تكون عاصفة ، [وتارة حارّة] ، وتارة باردة (٣).
قال ابن عبّاس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ : أعظم جنود الله تعالى الرّيح ، والماء ، وسمّيت الرّيح ريحا ؛ لأنها تريح النفوس (٤).
قال القاضي شريح : ما هبّت ريح إلّا لشفاء سقيم ، ولسقم صحيح (٥). والبشارة في ثلاث من الرّياح : في الصّبا ، والشّمال ، والجنوب ، وأمّا الدّبور ، فهي : الرّيح العقيم ، لا بشارة فيها.
وقيل (٦) : الرّياح ثمانية : أربعة للرّحمة : المبشرات ، والنّاشرات ، والذّاريات ، والمرسلات ، وأربعة للعذاب : العقيم ، والصّرصر في البرّ ، والعاصف والقاصف في البحر.
روى أبو هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم [وشرّف ، وكرّم ، ومجدّ ، وبجّل ، وعظّم :] «الرّيح من روح الله عزوجل» (٧).
[قال أبو سلمة ـ رضي الله تعالى عنه ـ : فروح الله سبحانه وتعالى](٨) تأتي
__________________
(١) ينظر الدر المصون : ١ / ٤٢٥ ، البحر المحيط : ١ / ٦٤١ ، المحرر الوجيز : ١ / ٢٣٤.
(٢) ينظر : القراءة السابقة.
(٣) ينظر تفسير البغوي : ١ / ١٣٦.
(٤) ينظر تفسير البغوي : ١ / ١٣٦.
(٥) ينظر المصدر السابق.
(٦) ينظر المصدر السابق.
(٧) أخرجه أبو داود (٥٠٩٧) كتاب الأدب باب ما يقول إذا هاجت الريح وأحمد (٢ / ٢٦٨ ، ٥١٨) والحاكم (٤ / ٢٨٥) والبيهقي (٣ / ٣٦١) وابن حبان (١٩٨٩ ـ موارد) والشافعي (٥٣٣) وابن أبي شيبة (٦٣٦٢) وعبد الرزاق (٢٠٠٠٤) والبخاري في «التاريخ الكبير» (٢ / ١٦٧) وفي «الأدب المفرد» (٧٢٠ ، ٩٠٦) والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (٩٢٩ ، ٩٣٠ ، ٩٣١) من طرق عن ثابت عن أبي هريرة مرفوعا. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٨) سقط في ب.