ما اسمك؟ قال : فلان ؛ للاسم الذي سمع من السّحاب ، فقال له : يا عبد الله ، لم تسألني عن اسمي؟ فقال : إني سمعت صوتا من السّحاب الذي هذا ماؤه يقول : اسق حديقة فلان لاسمك ، فماذا تصنع؟ قال : أمّا إذا قلت هذا ، فإنّي أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدّق بثلثه ، وآكل أنا وعيالي ثلثا وأردّ فيها ثلثه.
وفي رواية : وأجعل ثلثه للمساكين ، والسّائلين ، وابن السّبيل (١).
قوله : «يعقلون» ، أي : يعلمون لهذه الأشياء خالقا وصانعا.
قال القاضي (٢) : دلت الآية على أنّه لو كان الحقّ يدرك بالتقليد ، واتباع الآباء ، والجري على الإلف والعادة ، لما صحّ قوله : «لآيات لقوم يعقلون» ، وأيضا : لو كانت المعارف ضروريّة ، وحاصلة بالإلهام ، لما صحّ وصف هذه الأمور بأنّها آيات ؛ لأنّ المعلوم بالضّرورة لا يحتاج في معرفته إلى الآيات.
قال وهب بن منبّه : ثلاثة لا يدرى من أين يجيء : الرّعد ، والبرق ، والسّحاب (٣).
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ)(١٦٥)
اعلم : أنه ، سبحانه وتعالى ، لمّا قرّر التوحيد بالدلائل العقلية القاطعة ، أردفه بتقبيح ما يضاده ؛ لأنّ تقبيح ضد الشيء مما يؤكّد حسن الشّيء.
قال الشاعر : [الكامل]
٨٧٦ ـ .......... |
|
وبضدّها تتبيّن الأشياء |
وقالو أيضا : النّعمة مجهولة ، فإذا فقدت عرفت ، والنّاس لا يعرفون قدر الصّحّة ، فإذا مرضوا ، ثم عادت الصحّة إليهم ، عرفوا قدرها ، وكذا القول في جميع النّعم ، فلهذا السّبب أردف الله تبارك وتعالى هذه الآية الدّالّة على التّوحيد بهذه الآية الكريمة.
قوله تعالى : (مَنْ يَتَّخِذُ) «من» : في محلّ رفع بالابتداء ، وخبره الجارّ قبله ، ويجوز فيها وجهان :
أحدهما : أن تكون موصولة.
والثاني : أن تكون موصوفة.
فعلى الأوّل : لا محلّ للجملة بعدها. وعلى الثاني : محلّها الرّفع ، أي : فريق ، أو
__________________
(١) أخرجه مسلم رقم (٢٢٨٨) وأحمد (٢ / ٢٩٦) والبيهقي (٤ / ١٢٣) والطيالسي (١٢١٧ ـ منحة).
وانظر إتحاف السادة المتقين (٩ / ١٢٥).
(٢) ينظر تفسير الفخر الرازي : ٤ / ١٨٣.
(٣) ينظر تفسير البغوي : ١ / ١٣٦.