أو لاثنين» ـ ؛ قال أبو البقاء :](١) و «لام «ألفينا» واو ؛ لأن الأصل فيما جهل من اللّامات أن تكون واوا ، يعني : فإنه أوسع وأكثر ؛ فالرّدّ إليه أولى.
ومعنى الآية : أنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أمرهم بأن يتّبعوا ما أنزل الله في تحليل ما حرّموا على أنفسهم من الحرث ، والأنعام ، والبحيرة ، والسّائبة. أو ما أنزل الله من الدّلائل الباهرة ، قالوا : لا نتّبع ذلك ، وإنما نتبع آباءنا ، وأسلافنا ، فعارضوه بالتّقليد ، فأجابهم الله تعالى بقوله : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ) ، فالهمزة في «أو لو» للإنكار ، وأما الواو ، [ففيها قولان :
أحدهما ـ قاله الزمخشريّ ـ : أنّها واو الحال.
والثاني ـ قال به أبو البقاء (٢) ، وابن عطيّة ـ : أنّها للعطف ، وقد تقدّم الخلاف في هذه الهمزة الواقعة قبل «الواو» و «الفاء» و «ثمّ» ، هل](٣) بعدها جملة مقدّرة ، وهو رأي الزمخشري ؛ ولذلك قدّر ههنا : «أيتّبعونهم ، ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا من الدّين ، ولا يهتدون للصّواب؟» أو النية بها التأخير عن حرف العطف؟
وقد جمع أبو حيّان بين قول الزمخشريّ ، وقول ابن عطيّة ، فقال (٤) : والجمع بينهما : أنّ هذه الجملة المصحوبة ب «لو» في مثل هذا السّياق جملة شرطية ، فإذا قال : «اضرب زيدا ، ولو أحسن إليك» ، فالمعنى : «وإن أحسن إليك» وكذلك : «أعطوا السّائل ، ولو جاء على فرس» (٥) «ردّوا السّائل ، ولو بشقّ تمرة» (٦) ، المعنى فيهما «وإن» وتجيء «لو» هنا ؛ [تنبيها] على أنّ ما بعدها لم يكن يناسب ما قبلها ، لكنّها جازت لاستقصاء الأحوال التي يقع فيها الفعل ، ولتدلّ على أن المراد بذلك وجود الفعل في كلّ حال ؛ حتّى في هذه الحال الّتي لا تناسب الفعل ؛ ولذلك لا يجوز : «اضرب زيدا ، ولو أساء إليك» ، ولا «أعطوا السّائل ، ولو كان محتاجا» فإذا تقرّر هذا ، فالواو في «ولو» في الأمثلة التي ذكرناها عاطفة على حال مقدّرة ، والمعطوف على الحال حال ؛ فصحّ أن يقال : إنّها
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر الإملاء لأبي البقاء : ١ / ٧٥.
(٣) سقط في ب.
(٤) ينظر البحر المحيط : ١ / ٦٥٥.
(٥) أخرجه أحمد (١ / ٢٠١) وأبو داود (١٦٦٥) كتاب الزكاة باب حق السائل وأبو يعلى (١٢ / ١٥٤ ـ ١٥٥) رقم (٦٧٨٤) والبخاري في التاريخ (٤ / ٢ / ٤١٦) عن الحسين بن علي.
وروي من حديث علي أخرجه أبو داود كتاب الزكاة باب حق السائل رقم (١٦٦٦) والقضاعي في «مسند الشهاب» رقم (٢٨٥). ورواه الطبراني في «الصغير» والأوسط ، عن الهرماس كما في مجمع الزوائد (٣ / ١٠١) وقال الهيثمي : وفيه عثمان بن فائد وهو ضعيف. وأخرجه ابن عدي في «الكامل» (٢ / ٢١٦) من حديث أبي هريرة بلفظ (أعطوا السائل وإن جاء على فرس).
(٦) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢ / ٩٢٣) كتاب صفة النبي صلىاللهعليهوسلم باب ما جاء في المسكين وأحمد (٦ / ٤٣٥) والنسائي (٥ / ٨١) وأبو داود (٢ / ١٢٦) والحاكم (١ / ٤١٧) وابن حبان (٨٢٥ ـ موارد) والبغوي في «شرح السنة» (٦ / ١٧٥) وابن خزيمة (٤ / ١١١) رقم (٢٤٧٢).