٩٢٠ ـ من يفعل الحسنات الله يشكرها |
|
والشّرّ بالشّرّ عند الله سيّان (١) |
وإنشاده : «من يفعل الصالحات الله يحفظه» يجوز أن يكون رواية إلّا أنّ سيبويه (٢) لم ينشده كذا ، بل كما تقدّم ، والمبرّد روى عنه : أنّه لا يجيز حذف الفاء مطلقا ، لا في ضرورة ، ولا غيرها ، ويرويه : «من يفعل الخير ، فالرّحمن يشكره» وردّ النّاس عليه بأنّ هذه ليست حجّة على رواية سيبويه.
ويجوز أنّ تكون «إذا» شرطيّة ؛ فيكون جوابها وجواب «إن» محذوفين ، وتحقيقه أنّ جواب «إن» مقدر ، تقديره : «كتب الوصيّة على أحدكم إذا حضره الموت ، إن ترك خيرا ، فليوص» ، فقوله : «فليوص» جواب ل «إن» ؛ حذف ، لدلالة الكلام عليه ، ويكون هذا الجواب المقدّر دالّا على جواب «إذا» فيكون المحذوف دالّا على محذوف مثله.
وهذا أولى من قول من يقول : إنّ الشّرط الثّاني جواب الأوّل ، وحذف جواب الثّاني ، وأولى أيضا من تقدير من يقدّره في معنى «كتب» ماضي المعنى ، إلّا أن يؤوّله بمعنى : «يتوجّه عليكم الكتب ، إن ترك خيرا».
قوله «الوصيّة» فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون مبتدأ ، وخبره «للوالدين».
والثاني : أنّه مفعول «كتب» ، وقد تقدّم.
والثالث : أنّه مبتدأ ، خبره محذوف ، أي : «فعليه الوصيّة» ، وهذا عند من يجيز حذف فاء الجواب ، وهو الأخفش ؛ وهو محجوج بنقل سيبويه (٣).
فصل في المراد من حضور الموت
قوله «إذا حضر أحدكم الموت ..» ليس المراد منه معاينة الموت ؛ لأنّ ذلك الوقت يكون عاجزا عن الإيصاء ، ثم ذكر في ذلك وجهين :
أحدهما : وهو المشهور أنّ المراد حضور أمارة الموت ؛ كالمرض المخوف ؛ كما يقال فيمن يخاف عليه الموت حضره الموت ويقال لمن قارب البلد : «وصل» ؛ قال عنترة : [الوافر]
٩٢١ ـ وإنّ الموت طوع يدي إذا ما |
|
وصلت بنانها بالهندواني (٤) |
وقال جرير ، يهجو الفرزدق : [الوافر]
٩٢٢ ـ أنا الموت الّذي حدّثت عنه |
|
فليس لهارب منّي نجاء (٥) |
__________________
(١) تقدم قريبا.
(٢) تقدم تقريبا.
(٣) ينظر : الكتاب لسيبويه ١ / ٤٣٥.
(٤) ينظر : القرطبي ٢ / ١٧٣.
(٥) ينظر : ديوانه ص ١٢ ويروى صدره :
أنا الموت الذي آتي عليكم