وثانيها : يحتمل أن يكون المراد : أن ذلك الموصي الذي أقدم على الجنف والإثم ، متى أصلحت وصيّته ؛ فإن الله غفور رحيم يغفر له ، ويرحمه بفضله.
وثالثها : أن المصلح ، ربما احتاج في الإصلاح إلى أفعال وأقوال ، كان الأولى تركها ، فإذا علم الله تعالى منه أنّه ليس غرضه إلا الإصلاح ، فإنه لا يؤاخذه بها ؛ لأنه غفور رحيم.
فصل في أفضلية الصدقة حال الصحة
قال القرطبيّ (١) رحمهالله تعالى : والصّدقة في حال الصّحّة أفضل منها عند الموت ؛ لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقد سئل : أيّ الصدقة أفضل؟ فقال : «أن تصّدّق ، وأنت صحيح شحيح» (٢) ، وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «لأن يتصدّق المرء في حياته بدرهم خير له من أن يتصدّق عند موته بمائة» (٣). وقال ـ عليهالسلام ـ : «مثل الّذي ينفق ، ويتصدّق عند موته مثل الّذي يهدي بعد ما يشبع» (٤).
فصل
ومن لم يضرّ في وصيّته ، كانت كفّارة لما ترك من زكاته ؛ لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «من حضرته الوفاة ، فأوصى ، فكانت وصيّته على كتاب الله ؛ كانت كفّارة لما ترك من زكاته»(٥).
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ١٨٢.
(٢) أخرجه البخاري (٥ / ٤٣٩ ـ ٤٤٠) كتاب الوصايا : باب الصدقة عند الموت حديث (٢٧٤٨) ومسلم (٢ / ٧١٦) كتاب الزكاة : باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح حديث (٩٢ ، ٩٣ / ١٠٣٢) والنسائي (٥ / ٦٨ ـ ٦٩) كتاب الزكاة : باب أي الصدقة أفضل (٢٥٤٢) وأبو داود (٢ / ١٢٦) كتاب الوصايا : باب ما جاء في كراهية الإضرار في الوصية حديث (٢٨٦٥) وابن ماجه (٢٧٠٦) وأحمد (٢ / ٢٣١) والبيهقي (٤ / ١٩٠) من حديث أبي هريرة.
(٣) أخرجه أبو داود (٢ / ١٢٦) كتاب الوصايا : باب ما جاء في كراهية الإضرار في الوصية حديث (٢٨٦٦) والدارمي (٢ / ٤١٣) وابن حبان (٨٢١ ـ موارد) من طريق شرحبيل بن سعد عن أبي سعيد الخدري به.
(٤) أخرجه أحمد (٥ / ١٩٧) والنسائي (٦ / ٢٣٨) كتاب الوصايا : باب الكراهية في تأخير الوصية وأبو داود (٢ / ٤٢٥) كتاب العتق : باب في فضل العتق في الصحة (٣٩٦٨) والترمذي كتاب الوصايا : باب ما جاء في الرجل يتصدق أو يعتق عند الموت (٢١٢٤) والدارمي (٢ / ٤١٣) وابن حبان (١٢١٩ ـ موارد) من حديث أبي الدرداء. وقال الترمذي : حسن صحيح. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وابن حبان.
(٥) أخرجه ابن ماجه (٢ / ٩٠٢) كتاب الوصايا باب الجنف في الوصيّة (٢٠٧٥) والدارقطني (٤ / ١٤٩) والطبراني (١٩ / ٣٣) والخطيب في «تاريخ بغداد» (٨ / ٢٤٧) وابن الجوزي في «الموضوعات» (٣ / ٢٢١).
قال البوصيري في زوائد ابن ماجه (٢ / ٣٦٤) : هذا إسناد ضعيف بقية مدلس وشيخه مجهول.
وقال ابن الجوزي في الموضوعات (٣ / ٢٢١) : هذا حديث لا يصح والحديث ذكره ابن عراق في «تنزيه الشريعة» (٢ / ٣٦٥) والقرطبي في «تفسيره» (٢ / ٢٧١).