والمسفرة : المكنسة ؛ لأنّها تكشف التّراب عن الأرض ، والسّفير : الدّاخل بين اثنين للصلح ؛ لأنّه يكشف المكروه الّذي اتّصل بهما ، والمسفر المضيء ؛ لأنه قد انكشف وظهر ، ومنه : أسفر الصّبح ، والسّفر : الكتاب ؛ لأنه يكشف عن المعاني ببيانه. وسفرت المرأة عن وجهها ، إذا كشفت النقاب.
قال الأزهري : وسمّي المسافر مسافرا ؛ لكشف قناع الكنّ عن وجهه ، وبروزه إلى الأرض الفضاء ، وسمّي السّفر سفرا أيضا ؛ لأنّه يسفر عن وجوه المسافرين ، وأخلاقهم ، ويظهر ما كان خافيا منهم ، والله أعلم.
فصل في السفر المبيح للقصر والفطر
اختلفوا في السّفر المبيح للقصر والفطر بعد إجماعهم على سفر الطّاعة ؛ كالحجّ والجهاد ، ويتصل بهذين سفر صلة الرّحم ، وطلب المعاش الضروريّ ، وأمّا سفر التجارات والمباحات ، فمختلف فيه ، والأرجح الجواز ، وأمّا سفر المعاصي ؛ فمختلف فيه ، والمنع فيه أرجح.
فصل
قال القرطبيّ (١) : اتّفق العلماء على أنّ المسافر في رمضان لا يجوز له أن يبيّت الفطر ؛ لأنّ المسافر لا يكون مسافرا بالنّيّة (٢) ؛ بخلاف المقيم ، وإنما يكون مسافرا بالعمل ، والنّهوض ، والمقيم لا يفتقر إلى عمل ؛ لأنه إذا نوى الإقامة ، كان مقيما في الحين ؛ لأن الإقامة لا تفتقر إلى عمل ، فافترقا.
فصل في قدر السّفر المبيح للرّخص
اختلفوا في قدر السّفر المبيح للرّخص ، فقال داود : كلّ سفر ، ولو كان فرسخا ، وتخصيص عموم القرآن بخبر الواحد غير جائز (٣).
__________________
ـ الثاني : أن الكفارة مستحبّة غير واجبة وهو قول المزني ، لأنه إفطار بعذر ، فلم تجب فيه الكفارة ، كإفطار المريض.
الثالث : تجب على المرضع دون الحامل ؛ لأن الحامل أرضعت ؛ لمعنى فيها ، فهي كالمريضة ، والمرضع أفطرت ؛ لمنفصل عنها ، فوجب عليها الكفارة ، وحكم الحامل حكم المرضع فيما تقدم.
السّادس : إنقاذ حيوان محترم أشرف على الهلاك بسبب غرق أو نحوه ؛ كحرق ، أو هدم ، فيباح الفطر لمن ينقذ الحيوان المذكور ، إن لحقه بسبب الصّوم مشقّة شديدة ، حيث لا تحتمل عادة ؛ ومثل إنقاذ الحيوان إنقاذ المال.
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ١٨٦.
(٢) في ب : بالتبييت.
(٣) الحنفية يرون أن قصر العام على البعض إنما يكون ، تخصيصا إذا كان بمستقل مقارن ، وأن غير المستقل ليس بتخصيص ولا نسخ ، بل يسمى : استثناء ، وشرطا .... الخ ، وأن الإخراج بالمستقل ـ