[الشعراء : ٦٣] ، أي : «فضرب فانفلقت» ، وقوله : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ) [البقرة : ١٩٦] إلى قوله : (أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ ،) أي : «فحلق».
قال القفّال (١) ـ رحمهالله ـ : قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) يدلّ على وجوب الصّوم.
قال ابن الخطيب (٢) : ولقائل أن يقول : هذا ضعيف من وجهين :
الأول : أنّا إن أجرينا ظاهر قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) على العموم ، لزمنا الإضمار في قوله : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ،) وإن أجرينا هذه الآية على ظاهرها ، لزمنا تخصيص عموم قوله : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) ، وقد ثبت في أصول الفقه أنّه متى وقع التعارض بين التخصيص ، وبين الإضمار ، كان الحمل على التّخصيص أولى.
الثّاني : أنّ ظاهر قوله تعالى : «فليصمه» يقتضي الوجوب عينا ، وهذا الوجوب منتف في حقّ المريض والمسافر ، فالآية مخصوصة في حقّهما على كلّ تقدير ، سواء أجرينا قوله تعالى : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) على ظاهره أولا ، وإذا كان كذلك ، وجب إجراء هذه الآية على ظاهرها من غير إضمار.
الوجه الثاني : ذكره الواحدي (٣) في «البسيط» قال : وقال القاضي : إنّما يجب القضاء بالإفطار ، لا بالمرض والسّفر ، فلما أوجب الله القضاء ، والقضاء مسبوق بالفطر ، دلّ على أنّه لا بدّ من إضمار الإفطار.
قال ابن الخطيب (٤) وهذا ساقط ؛ لأنه لم يقل : فعليه قضاء ما مضى ، بل قال : «فعليه عدّة من أيّام أخر» ، وإيجاب الصّوم عليه في أيّام أخر لا يستدعي أن يكون مسبوقا بالإفطار.
الوجه الثالث : روى أبو داود عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : أن حمزة الأسلميّ سأل النّبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : يا رسول الله ، هل أصوم في السّفر؟ قال «إن شئت صم ، وإن شئت فأفطر» (٥).
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٦٦.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٦٦.
(٣) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٦٦.
(٤) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٦٦.
(٥) أخرجه البخاري (٣ / ٧٦) كتاب الصوم باب الصوم في السفر (١٩٤٣) ومسلم كتاب الصيام (١٠٣) والنسائي (٤ / ١٨٥ ـ ١٨٦) وأبو داود (٢٤٠٢) والترمذي (٧١١) وابن ماجه (١ / ٥١٠) رقم (١٦٦٢) والدارمي (٢ / ٨ ـ ٩) وابن خزيمة (٢٠٢٨) وابن الجارود (٣٩٧) والطحاوي (١ / ٣٣٣) والبيهقي (٤ / ٢٤٣) وأحمد (٦ / ٤٦) والطبراني (٣ / ١٦٧) وعبد الرزاق (٤٥٠٢ ، ٤٥٠٣) وابن عبد البر في «التمهيد» (٩ / ٦٧) والطيالسي (٩٠٧ ـ منحة) والطبراني في «الصغير» (١ / ٢٤٢) والحميدي (١٩٩) وابن عساكر (٤ / ٤٥٠) من طرق عن هشام عن أبيه عن عائشة وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.