الثالث ـ عليه الكفّارة دون القضاء : الشّيخ الكبير ، والمريض الذي لا يرجى زوال مرضه.
قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(١٨٥)
قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ :) فيه قراءتان :
المشهورة الرفع ، وفيه أوجه :
أحدها : أنه مبتدأ ، وفي خبره حينئذ قولان :
الأول : أنه قوله (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ويكون قد ذكر هذه الجملة منبّهة على فضله ومنزلته ، يعني أن هذا الشهر الذي أنزل فيه القرآن هو الذي فرض عليكم صومه.
قال أبو عليّ : والأشبه أن يكون «الّذي» وصفا ؛ ليكون لفظ القرآن نصّا في الأمر بصوم شهر رمضان ؛ لأنّك إن جعلته خبرا ، لم يكن شهر رمضان منصوصا على صومه بهذا اللفظ ، وإنما يكون مخبرا عنه بإنزال القرآن الكريم فيه ، وإذا جعلنا «الّذي» وصفا ، كان حقّ النظم أن يكني عن الشّهر لا أن يظهر ؛ كقولك : «شهر رمضان المبارك من شهده فليصمه».
والقول الثاني : أنه قوله : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) وتكون الفاء زائدة على رأي الأخفش ، وليست هذه الفاء التي تزاد في الخبر لشبه المبتدأ بالشرط ، وإن كان بعضهم زعم أنها مثل قوله : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) [الجمعة : ٨] وليس كذلك ؛ لأن قوله : (الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ) يتوهّم فيه عموم ؛ بخلاف شهر رمضان ، فإن قيل : أين الرابط بين هذه الجملة وبين المبتدأ؟ قيل : تكرار المبتدأ بلفظه ؛ كقوله : [الخفيف]
٩٣٨ ـ لا أرى الموت يسبق الموت شيء |
|
..........(١) |
وهذا الإعراب ـ أعني كون «شهر رمضان» مبتدأ ـ على قولنا : إن الأيام المعدودات هي غير شهر رمضان ، أمّا إذا قلنا : إنها نفس رمضان ، ففيه وجهان :
أحدهما : أن يكون خبر مبتدأ محذوف.
فقدّره الفرّاء (٢) : ذلكم شهر رمضان ، وقدّره الأخفش (٣) : المكتوب شهر رمضان.
__________________
(١) تقدم برقم ٥٢٠.
(٢) ينظر : معاني القرآن ١ / ١١٢.
(٣) ينظر : معاني القرآن ١ / ١٥٩.