معناه] ولتكملوا عدّة صوم رمضان ، ولتكبّروا الله على ما هداكم إلى أجر الطّاعة.
واختلفوا في أي العيدين أوكد في التّكبير؟ فقال الشّافعيّ في «القديم» : ليلة النّحر أوكد ؛ لإجماع السّلف عليها ، وقال في «الجديد» (١) ليلة الفطر أوكد ؛ لورود النصّ فيها ، وقال مالك : لا يكبّر في ليلة الفطر ، ولكنه يكبّر في يومه ، وهو مرويّ عن أحمد (٢).
وقال إسحاق : إذا غدا إلى المصلّى.
واستدلّ الشافعيّ بقوله تعالى : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) تدلّ على أن الأمر بهذا التّكبير وقع معلّلا بحصول الهداية ، وهي إنما حصلت بعد غروب الشّمس ؛ فلزم التّكبير من ذلك الوقت ، واختلفوا في انقضاء وقته ، فقيل : يمتدّ إلى تحريم الإحرام بالصّلاة.
وقيل : إلى خروج الإمام.
وقيل : إلى انصراف الإمام ، وقال أبو حنيفة ـ رحمهالله تعالى ـ إذا أتى المصلّى ترك التّكبير.
القول الثاني في المراد بهذا التّكبير : هو التعظيم لله تعالى ؛ شكرا على توفيقه لهذه الطّاعة.
قال القرطبي (٣) : (عَلى ما هَداكُمْ) قيل : لما ضلّ فيه النصارى من تبديل صيامهم.
وقيل : بدلا عمّا كانت الجاهليّة تفعله بالتّفاخر بالآباء ، والتّظاهر بالأحساب ، وتعديد المناقب.
وقيل : لتعظّموه على ما أرشدكم إليه من الشّرائع.
قوله تعالى : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)(١٨٦)
في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه :
أحدها : أنّه لما قال بعد إيجاب شهر رمضان وتبيين أحكامه : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما
__________________
(١) القديم : ما قاله الشافعي بالعراق ، أو قبل انتقاله إلى مصر ، وأشهر رواته : أحمد بن حنبل ، والزعفراني ، والكرابيسي ، وأبو ثور ، وقد رجع الشافعي عنه ، وقال : لا أجعل في حل من رواه عني ، وقال الإمام : لا يحل عد القديم من المذهب. وقال الماوردي في أثناء كتاب «الصداق» : غيّر الشافعي جميع كتبه القديمة في الجديد ، إلا الصداق ؛ فإنه ضرب على مواضع منه ، وزاد مواضع ، والجديد : ما قاله بمصر ، وأشهر رواته : البويطي ، والمزني ، والربيع المرادي ، والربيع الجيزي ، وحرملة ، ويونس بن عبد الأعلى ، وعبد الله بن الزبير المكي ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، وأبوه.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٨٠.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ٢٠٦.