اللّباب في علوم الكتاب [ ج ٣ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في اللّباب في علوم الكتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

٩٥٥ ـ وهنّ يمشين بنا هميسا

إن يصدق الطّير ننك لميسا (١)

فقيل له : رفثت ، فقال : إنّما الرّفث عند النساء.

فثبت أنّ الأصل في الرّفث هو قول الفحش ، ثم جعل ذلك اسما لما يتكلّم به عند النّساء من معاني الإفضاء ، ثم جعل كناية عن الجماع ، وعن توابعه.

فإن قيل : لم كنّى هاهنا عن الجماع بلفظ «الرّفث» الدّالّ على معنى القبح بخلاف قوله (وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) [النساء : ٢١] وقوله تعالى (فَلَمَّا تَغَشَّاها) [الأعراف : ١٨٩] ، وقوله عزوجل : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) [النساء : ٤٣] وقوله عزوجل : (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَ) [النساء : ٢٣] ، وقوله عزوجل : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ) وقوله (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) [البقرة : ٢٣٧] وقوله تعالى (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) [النساء : ٢٤] (وَلا تَقْرَبُوهُنَ) [البقرة : ٢٢٢].

فالجواب : أنّ السبب فيه استهجان ما وجد منهم قبل الإجابة ؛ كما سمّاه اختيانا لأنفسهم ؛ قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ إنّ الله سبحانه وتعالى حييّ كريم يكنّي ، كلّ ما ذكر في القرآن من المباشرة والملامسة والإفضاء والدّخول والرّفث ، فإنما عنى به الجماع (٢).

فصل في بيان سبب النزول

ذكروا في سبب نزول هذه الآية : أنه كان في أوّل الشّريعة يحلّ الأكل والشّرب والجماع ليلة الصّيام ، ما لم يرقد الرجل ويصلّي العشاء الأخيرة ، فإن فعل أحدهما ، حرم عليه هذه الأشياء إلى اللّيلة الآتية ، فجاء رجل من الأنصار عشيّة ، وقد أجهده الصّوم ، واختلفوا في اسمه ؛ فقال معاذ (٣) : اسمه أبو صرمة بن قيس بن صرمة ، وقال عكرمة : أبو قيس بن صرمة (٤) ، وقيل صرمة بن أنس.

فسأله (٥) النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وشرّف وكرّم وبجّل وعظّم عن سبب ضعفه ، فقال : يا رسول الله ، عملت في النّخل نهاري أجمع ، حتّى أمسيت ، فأتيت أهلي لتطعمني شيئا ، فأبطأت ، فنمت فأيقظوني ، وقد حرم الأكل ؛ فقام عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال : يا رسول الله ، إنّي أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطية ؛ إنّي رجعت إلى أهلي بعد ما صلّيت العشاء ، فوجدت رائحة طيّبة فسوّلت لي نفسي ، فجامعت أهلي ، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وشرّف ،

__________________

(١) ينظر : اللسان «رفث» ، والدرر ١ / ١٩٩ ، الدر المصون ١ / ٤٧٤.

(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٤٨٧ ـ ٤٨٨) عن ابن عباس ـ وذكره البغوي في «تفسيره» ١ / ١٥٧.

(٣) ينظر : تفسير الرازي ٥ / ٨٩.

(٤) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٥٧.

(٥) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٥٧.