الأخبار بالنّهي عن التّطيّر ، قال : «لا عدوى ولا طيرة» (١) وقال : «من ردّه عن سفر تطيّر ، فقد أشرك» (٢) و «كان يكره الطّيرة ، ويحبّ الفأل الحسن» (٣) وقد عاب الله قوما تطيّروا بموسى ومن معه ، فقالوا : (قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ) [النمل : ٤٧].
وقال المفسّرون : سبب نزول الآية الكريمة : كان الناس في أوّل الإسلام ، إذا أحرم الرّجل منهم ، فإن كان من أهل المدن ، نقب نقبا في ظهر بيته يدخل منه ، ويخرج ، أو يتّخذ سلّما يصعد منه إلى سطح داره ، ثم ينحدر ، وإن كان من أهل الوبر ، خرج من خلف الخيمة والفسطاط ، ولا يخرج ولا يدخل من الباب ؛ حتى يحلّ من إحرامه ، ويرون ذلك برّا إلا أن يكون من الحمس ، وهم قريش ، وكنانة ، وخزاعة ، وخيثم ، وبنو عامر بن صعصعة ، وبنو نصر بن معاوية ، وهولاء سمّوا حمسا ؛ لتشديدهم في دينهم ، والحماسة الشّدّة.
قال العجّاج : [الرجز]
٩٦٧ ـ وكم قطعنا من قفاف حمس (٤)
وهؤلاء متى أحرموا ، لم يدخلوا بيوتهم ألبتّة ، ولا يستظلّون الوبر ، ولا يأكلون السمن ، والأقط (٥) ، ثم إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشرّف ، وكرّم ، ومجّد ، وبجّل ، وعظّم ، دخل ، وهو محرم ، بيتا لبعض الأنصار ، فاتّبعه رجل محرم من الأنصار ، يقال له رفاعة ابن تابوت ، فدخل على أثره من الباب ، فقال ـ عليه الصلاة والسلام دائما وأبدا ـ : «تنحّ عنّي» فقال : ولم ، يا رسول الله؟ قال : دخلت الباب ، وأنت محرم ، فقال : رأيتك دخلت ، فدخلت على أثرك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، شرّف ، وكرّم ، ومجّد ، وبجّل ،
__________________
(١) أخرجه البخاري (٧ / ٢٣٤) كتاب الطب باب الجذام (٥٧٠٧) وأطرافه رقم (٥٧١٧ ، ٥٧٥٣ ، ٥٧٥٦ ، ٥٧٥٧ ، ٥٧٧٠ ، ٥٧٧٢ ، ٥٧٧٦) ومسلم رقم (١٧٤٧) وأبو داود (كتاب الطب باب ٢٤ ، وباب ٨٦) والترمذي (٢١٤٣) وابن ماجه (٣٥٣٥) وأحمد (١ / ١٧٤ ، ٢ / ١٥٣ ، ٣ / ١٣٠ ، ١٧٣) والبيهقي (٧ / ٢١٦ ، ٨ / ١٣٩) وابن أبي شيبة (٩ / ٤٠ ، ٤١ ، ٤٥) والحميدي (١١١٧) والبخاري في «الأدب المفرد» (٩١٣) وابن أبي عاصم في «السنة» (١ / ١١٩) وأبو نعيم في «الحلية» (١ / ٢٥٠) والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٤ / ٣٠٧) وفي «مشكل الآثار» (٢ / ٣٤٢) والطبراني في «الكبير» (١٧ / ٥٤) والبخاري في «التاريخ الصغير» (٢ / ٨١) و «التاريخ الكبير» (١ / ١٣٩) والخطيب (٢ / ٣٠٧) وانظر «كنز العمال» رقم (٢٨٥٩٩ ، ٢٨٦٠٠ ، ٢٨٦٠٣ ، ٢٨٦١١ ، ٢٨٦١٢ ، ٢٨٦٢٢ ، ٢٨٦٢٣).
(٢) أخرجه أحمد (٢ / ٢٢٠) من طريق ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن أبي عبد الرحمن المعافري عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من ردته الطيرة عن حاجة فقد أشرك.
وذكره الهيثمي في «المجمع» (٥ / ١٠٨) وقال : رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات.
(٣) أخرجه أحمد (٢ / ٣٣٢).
(٤) ينظر : القرطبي ٢ / ٢٣٠.
(٥) وهو لبن مجفّف ، يابس ، مستحجر ، يطبخ به. ينظر : النهاية ١ / ٥٧.