وعن معاوية الضّرير ، عن أبي صالح الحنفي عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم وشرّف وكرّم ومجّد وبجّل وعظّم ـ قال : «الحجّ جهاد ، والعمرة تطوّع» (١).
والجواب من وجوه :
أحدها : أن هذه أخبار آحاد ؛ فلا تعارض القرآن.
وثانيها : أنّ هذه الآية الكريمة نزلت في السّنة السابعة من الهجرة ، فيحتمل أنّ هذه الأحاديث حين وردت ، لم تكن العمرة واجبة ، ثم نزل بعدها : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) ، وهذا هو الأقرب لما ذكرناه.
وثالثها : أن قصة الأعرابي ، والحديثين اللذين بعده ، ذكر فيهم الحجّ ، وليس فيها بيان تفصيل الحج ، وقد بينّا أن العمرة حجّ ، فلا تنافي وجوب العمرة ، وأمّا حديث ابن المنكدر ، فرواه الحجاج بن أرطاة ؛ وهو ضعيف.
فصل
واتفقت الأمة على أنّه يجوز أداء الحجّ والعمرة على ثلاثة أوجه : الإفراد ، والتمتع ، والقران.
فالإفراد : أن يحرم بالحجّ منفردا ، ثم بعد الفراغ منه ، يعتمر من أدنى الحلّ.
والتمتع : أن يعتمر في أشهر الحجّ ، فإذا فرغ من العمرة ، يحرم بالحجّ من مكة المشرفة في عامه.
والقران : أن يحرم بالحج والعمرة معا ، أو يحرم بالعمرة ، ثم يدخل عليها الحجّ قبل أن يفتتح الطواف ؛ فيصير قارنا ، ولو أحرم بالحج ، ثم أدخل عليه العمرة ، لم ينعقد إحرامه بالعمرة.
واختلفوا في أيّ هذه الثّلاثة أفضل؟ وتفاصيل هذه الأقوال مذكورة في كتب الفقه.
قوله : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) [البقرة : ١٩٦] قال أحمد بن يحيى (٢) : أصل الحصر ، والإحصار : المنع والحبس (٣).
__________________
ـ والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٣٧٨) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد.
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح وهو قول بعض أهل العلم. قالوا : العمرة ليست واجبة.
(١) أخرجه ابن ماجه (٢ / ٩٩٥) رقم (٢٩٨٩) والبيهقي (١١ / ٤٤٢) والطبراني في «الكبير» (١١ / ٤٤٢) والشافعي في «مسنده» (١١٢) والطبري (٢ / ١٢٣) قال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (٣ / ٢٤) : هذا إسناد ضعيف عمر بن قيس المعروف بسندل ضعفه أحمد وابن معين والفلاس وأبو زرعة وأبو حاتم والبخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم والحسن الراوي عنه ضعيف.
والحديث ذكره ابن أبي حاتم في «العلل» (١ / ٢٨٦) رقم (٨٥٠) وقال : قال أبي : هذا حديث باطل.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٢٤.
(٣) قال الأزهري : قال أهل اللّغة : يقال لمن منعه خوف أو مرض من التّصرّف : أحصر ؛ فهو محصر ، ولمن حبس : حصر ؛ فهو محصور. ـ