وقال أبو حنيفة : إذا أتى بأكثر الطّواف في أشهر الحجّ ، فهو متمتّع ، وإذا أتى بالأكثر قبل أشهر الحجّ فلا.
الثالث : أن يحجّ في هذه السّنة ، فإن حجّ في سنة أخرى لم يلزمه دم ؛ لأنّه لم يوجد مزاحمة الحجّ والعمرة في عام واحد ، ولم يحصل الترفّه بترك أحد السّفرين ، إلّا على قول ابن الزّبير فيما قدّمناه.
الرابع : ألا يكون من حاضري المسجد الحرام لقوله تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ، وهو من كان أهله على أقلّ من مسافة القصر ، وهل تعتبر هذه المسافة من مكّة ، أو من الحرم فيه وجهان.
الخامس : أن يحرم بالحجّ من مكّة بعد الفراغ من العمرة ، فلو رجع إلى الميقات ، وأحرم بالحجّ منه ، لا يلزمه دم التّمتّع.
فصل
قال القرطبيّ (١) : التّمتّع بالعمرة إلى الحجّ على أربعة أوجه :
أحدها مجمع عليه ، والثّلاثة مختلف فيها فالمجمع عليه هو المراد بقوله تبارك وتعالى (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) ، وذلك أن يحرم بالعمرة في أشهر الحجّ ، ويكون آفاقيّا ، ويفرغ منها ، ويقيم حلالا بمكّة إلى أن يحرم بالحجّ من عامه قبل رجوعه إلى بلده.
ولها ثمانية شروط :
الأول : أن يجمع بين الحجّ والعمرة.
الثاني : في عام واحد.
الثالث : في سفر واحد.
الرابع : في أشهر الحجّ.
الخامس : مقدّما الحج.
السادس : غير مخلط لها بالحجّ.
السابع : وأن تكون العمرة والحج عن شخص واحد.
الثامن : ويكون آفاقيّا.
الوجه الثّاني من وجوه التّمتّع بالعمرة : هو القران ، وهو أن يجمع بينهما في إحرام واحد ، فيهلّ بهما جميعا في أشهر الحجّ ، يتمتع القارن بترك السّفر إلى العمرة مرّة ، وإلى
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ٢٦٠.