وقال بعضهم : يصوم ثلاثة أيّام آخرها يوم عرفة السّابع ، والثّامن ، والتّاسع ، ولو صام ثلاثة أيّام آخرها يوم التّروية ، ويكون قد أحرم بالحجّ قبله جاز ، ولا يجوز يوم النحر ، ولا أيام التّشريق. وهو قول مالك والأوزاعيّ ، وأحمد ، وإسحاق.
فصل
اختلفوا فيمن اعتمر في أشهر الحجّ ، ثمّ رجع إلى بلده ، ثمّ رجع في عامه فقال الجمهور : ليس بمتمتع ، ولا هدي عليه ، ولا صيام. وقال الحسن : هو متمتّع.
وأجمعوا على أنّ الآفاقي إذا قدم معتمرا في أشهر الحج عازما على الإقامة ، ثم أنشأ الحج من عامه فحج ، أنّه متمتع عليه ما على المتمتّع.
قوله : «وسبعة» الجمهور على جرّ «سبعة» عطفا على ثلاثة. وقرأ (١) زيد بن عليّ ، وابن أبي عبلة : «وسبعة» بالنّصب. وفيها تخريجان :
أحدهما : قاله الزّمخشريّ ، وهو : أن يكون عطفا على محلّ «ثلاثة» كأنه قيل : فصيام ثلاثة ، كقوله : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) [البلد : ١٤ ، ١٥] ، يعني : أنّ المضاف إليه المصدر منصوب معنى بدليل ظهور النّصب في «يتيما».
والثاني : أن ينتصب بفعل محذوف تقديره : «فليصوموا» ، قال أبو حيان «وهذا متعيّن ؛ لأنّ العطف على الموضع يشترط فيه وجود المحرز» يعني : على مذهب سيبويه.
قوله : «إذا رجعتم» : منصوب بصيام أيضا ، وهي هنا لمحض الظّرف ، وليس فيها معنى الشّرط. لا يقال : يلزم أن يعمل عامل واحد في ظرفي زمان ، لأنّ ذلك جائز مع العطف والبدل ، وهنا يكون عطف شيئين على شيئين ، فعطف «سبعة» على «ثلاثة» ، وعطف «إذ رجعتم» على «في الحجّ».
وفي قوله : «رجعتم» شيئان :
أحدهما التفات ، والآخر الحمل على المعنى ، أمّا الالتفات : فإنّ قبله «فمن تمتّع فمن لم يجد» ، فجاء بضمير الغيبة عائدا على «من» ، فلو سيق هذا على نظم الأوّل لقيل : «إذا رجع» بضمير الغيبة. وأمّا الحمل فلأنّه أتى بضمير جمع ؛ اعتبارا بمعنى «من» ، ولو راعى اللّفظ لأفرد ، فقال : «رجع».
__________________
ـ أصبهان» (١ / ٦٣) والطبري في «تفسيره» (٤ / ١١٥).
وأورده الهيثمي في «المجمع» (٣ / ٢٠٦) وقال : رواه الطبراني في «الكبير» وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف.
وذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (٢٤٤٤٠) وعزاه لابن السكن وأبي نعيم عن ابن عباس.
(١) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٢٧٠ ، والبحر المحيط ٢ / ٨٧ ، الدر المصون ١ / ٤٨٧.