أفعال الحج يفعل فيه : من طواف الزيارة ؛ الذي هو ركن في الحج ، والرّمي ، والذّبح ، والحلق ، فدخوله في أيام الحج أولى.
حجّة الشافعي ـ رحمهالله تعالى ـ : أنّ الحجّ يفوت بطلوع الفجر يوم النّحر ، والعبادة لا تفوت مع بقاء وقتها.
فصل
قال بعض العلماء : لا يجوز أن يهلّ بالحج قيل أشهر الحج ؛ وهو قول ابن عباس ، وجابر ، وبه قال عطاء ، وطاوس ، ومجاهد (١) ، وإليه ذهب الأوزاعي ، والشافعيّ ، وأحمد في رواية ، وإسحاق.
وقال مالك ، والثوريّ وأبو حنيفة ـ رضي الله عنه ـ يجوز.
حجّة الأول : قوله : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ).
جمع الأشهر جمع تقليل ، على سبيل التّنكير ؛ فلا يتناول الكلّ ، وأكثر الجمع إلى عشرة ، وأدناه إلى ثلاثة ، وعند التنكير ينصرف إلى الأدنى ، واتفق المفسّرون على أنّ تلك الثّلاثة ، شوّال وذو القعدة ، وبعض ذي الحجّة.
وإذا تقرّر هذا ، وجب ألّا يجوز الإحرام بالحجّ قبل الوقت ؛ لأنّ الإحرام بالعبادة قبل وقت أدائها لا يصحّ ؛ كالصّلاة ، وخطبة الجمعة قبل الوقت.
حجّة الثاني : قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) [البقرة : ١٨٩] ، فجعل الأهلّة كلّها مواقيت الحجّ ، وليس مواقيتا للأداء ، فثبت أنها مواقيت لصحّة الإحرام ، ويجوز أن يسمّى الإحرام حجّا ؛ مجازا ، كما سمّي الوقت حجّا في قوله : «الحجّ أشهر» بل هنا أولى ؛ لأن الإحرام أقرب إلى الحج من الوقت. وقد اشتهر بين أكابر الصّحابة أنّهم قالوا : إتمام الحجّ والعمرة أن يحرم بهما من دويرة أهله ، ومن يكن منزله بعيدا يجب أن يكون في المشرق أو في المغرب ، فلا بدّ وأن يحرم بالحج قبل أشهر ، وأيضا فإنّ الإحرام التزام بالحجّ ، فجاز تقديمه على الوقت ؛ كالنّذر.
وأجاب الأوّلون عن قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) بأنّ قوله (الْحَجُّ أَشْهُرٌ) أخصّ منها ، وفرّقوا بين النّذر والإحرام : بأنّ الوقت معتبر للأداء ، ولا اتّصال للنذر بالأداء ، بدليل أنّ الأداء لا يتصور إلّا بعقد مبتدأ ، والإحرام مع كونه التزاما ، فهو شروع في الأداء ، وعقد عليه ؛ فلا جرم افتقر إلى الوقت.
فصل
قوله : «معلومات» أي : معلومات عندهم ، مقررة لبيان الشرع ، بخلاف مرادهم
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» ٤ / ١١٥ عن ابن عباس.