بها. أو معلومات ببيان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وأنها مؤقتة في أوقات معينة ، لا يجوز تقديمها ولا تأخيرها ، كما فعلوه في النّسيء.
قوله : «فمن فرض فيهنّ الحجّ».
يجوز في «من» أن تكون شرطية ، وأن تكون موصولة ، كما تقدّم في نظائرها ، و «فيهنّ» متعلّق ب «فرض». والضّمير في «فيهنّ» يعود على «أشهر» وجيء به كضمير الإناث ، لما تقدم من أنّ جمع غير العاقل في القلّة يعامل معاملة جمع الإناث على الأفصح ؛ فلذلك جاء «فيهنّ» دون «فيها» ، وهذا بخلاف قوله : (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) [التوبة : ٣٦] لأنه هناك جمع كثرة.
وفرض في اللّغة : ألزم وأوجب ، يقال فرضت عليك كذا ، أي : أوجبته ، وأصل الفرض في اللغة : التّأثير والحزّ والقطع.
قال ابن الأعرابي (١) ـ رحمهالله تعالى ـ : الفرض الحزّ في القدح ، [وفي الوتد ، وفي غيره] ، وفرضة القوس : الحزّ الذي فيه الوتر ، وفرضة الوتد الحزّ الذي فيه ، ومنه فرض الصلاة ؛ لأنها لازمة للعبد كلزوم الحزّ للقدح ، ففرض ـ ها هنا ـ بمعنى : أوجب ، وقد جاء في القرآن «فرض» بمعنى أبان ؛ قال تعالى (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها) [النور : ١] بالتخفيف ، وقوله (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) [التحريم : ٢].
وهو راجع إلى معنى القطع ؛ لأنّ من قطع شيئا ، فقد أبانه من غيره ، والله تعالى إذا فرض شيئا ، أبانه عن غيره ، ففرض بمعنى : أوجب ، وفرض : بمعنى أبان ؛ كلاهما راجع إلى أصل واحد ؛ ومن ها هنا فرّق بعضهم بين الفرض والواجب (٢) ، فقالوا :
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٣٨.
(٢) الفرض والواجب لفظان مترادفان عند غير الحنفية ، معناهما واحد : هو الفعل الذي طلبه الشاع طلبا جازما ، سواه كان الطلب بدليل قطعي ؛ كالقرآن ، والسنة المتواترة ، أو كان بدليل ظني ؛ كخبر الآحاد.
أما الحنفية فإنهم يفرقون بين الفرض والواجب.
فالفرض عندهم : هو الفعل الذي طلبه الشارع طلبا جازما بدليل قطعي ؛ كالصلاة ، ومطلق القراءة فيها ؛ والزكاة فإنها مطلوبة طلبا جازما بأدلة قطعية ، هي قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ ـ وَآتُوا الزَّكاةَ) ـ (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ؛) إذ لا شك أنها قطعية الثبوت ، ومثل القرآن في ذلك السنة المتواترة.
والواجب عندهم : هو الفعل الذي طلبه الشارع طلبا جازما بدليل ظني ؛ كخصوص قراءة الفاتحة في الصلاة المدلول على طلبها طلبا جازما بخبر الآحاد ؛ كما في الصحيحين : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.
وعلّلوا هذه التفرقة : بأن الفرض معناه في اللغة : القطع ؛ لأنه مأخوذ من فرض الشيء بمعنى : حزّه ، أي : قطع بعضه ، فالفرض بمعنى المفروض ، أي : المقطوع به ، والذي فرضه الله علينا لا يمكن علمه يقينا ، إلا إذا كان ثابتا بالدّليل القطعي.
والواجب هو السّاقط ؛ لأنه مأخوذ من وجب بمعنى : سقط ؛ يدل له قوله تعالى : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) ـ