والواجب ما ثبت بدليل ظنّي ، وجعل الفرض لا يسامح به ، عمدا ولا سهوا ، وليس له جابر ، والواجب ما يجبر ويسامح فيه العباد لسهوة ، قال أبو العباس المقرىء : ورد لفظ «فرض» في القرآن بإزاء خمسة معان :
الأول : فرض بمعنى أوجب ، كهذه الآية الكريمة ، ومثله : (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) [البقرة : ٢٣٧] أي أوجبتم.
الثاني : فرض بمعنى بيّن ، قال تعالى : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) [التحريم : ٢] ومثله (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها) [النور : ١].
الثالث : فرض : بمعنى أحلّ ؛ قال تعالى : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) [الأحزاب : ٣٨] أي أحلّ.
الرابع : فرض : بمعنى أنزل ؛ قال تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ) [القصص : ٨٥] أي : أنزل.
الخامس : الفرض : الفريضة في قسمة المواريث ؛ كما قال تبارك وتعالى : (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) [النساء : ١١].
فصل
قوله : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) يدلّ على أنّه لا بدّ للمحرم من فعل يفعله ؛ يصير به محرما وحاجا ، واختلفوا في ذلك الفعل.
فقال الشّافعيّ ، وأحمد : ينعقد الإحرام بمجرد النّية ، من غير حاجة إلى التّلبية.
وقال أبو حنيفة : لا يصحّ الشّروع في الإحرام بمجرد النية ؛ حتى يضمّ إليه التّلبية أو سوق الهدي.
وقال القفّال في تفسيره (١) : يروى عن جماعة من العلماء ؛ أنّ من أشعر هديه أو قلّده ، فقد أحرم ، وروى نافع عن ابن عمر أنّه قال : إذا قلّد أو أشعر ، فقد أحرم (٢) ، وعن ابن عباس: إذا قلّد الهدي وصاحبه يريد العمرة أو الحجّ ، فقد أحرم (٣).
قوله : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) إمّا جواب الشّرط ، وإمّا زائدة في
__________________
ـ ١ / ٥٨ ، العدة ١ / ١٦٢ ، ٢ / ٣٧٦ ، شرح الكوكب المنير ١ / ٣٥١ ، سلاسل الذهب ص (١١٤) ، البحر المحيط ١ / ١٨١ ، روضة الناظر ص (١٦) ، الحدود للباجي ص (٥٣) مختصر ابن اللحام ص (٥٩) ، ميزان الأصول ١ / ١٢٨ ـ ١٢٩ ، جمع الجوامع ١ / ٨٨ ـ ٨٦.
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٣٩.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٣٩.
(٣) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٣٩.