٩٩٤ ـ .......... |
|
يهوي محاربها هويّ الأجدل |
والجدل : فتل الحبل ، ومنه زمام مجدول ، أي : محكم الفتل.
فصل
قد تقدّم أنّ الفسق : هو الخروج عن الطّاعة (١) ، واختلف المفسرون فيه ، فحمله أكثر المحقّقين على كلّ المعاصي ، وهذا قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، وطاوس ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، والزهري ، والربيع ، والقرظي ، قالوا : لأنّ اللفظ صالح للكلّ ، والنّهي عن الشّيء يوجب الانتهاء عن جميع أنواعه ؛ ويؤكده قوله تعالى : (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [الكهف : ٥٠] ، وقوله : (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) [الحجرات : ٧].
وذهب بعضهم إلى أنّ المراد منه بعض أنواعه ، ثم ذكروا وجوها.
أحدها : قال الضحّاك (٢) : المراد التنابز بالألقاب ؛ لقوله تعالى : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) [الحجرات : ١١].
والثاني : قال عطاء ، ومجاهد ، وإبراهيم النخعي (٣) : المراد السّباب ؛ لقوله ـ عليهالسلام ـ «سباب المؤمن فسوق ، وقتاله كفر» (٤).
الثالث : أنّ المراد منه الإيذاء ، والإفحاش ؛ قال تعالى : (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ) [البقرة : ٢٨٢].
الرابع : قال ابن زيد : هو الذّبح للأصنام (٥) ؛ فإنّهم كانوا في حجّهم يذبحون لأجل الأصنام قال تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) [الأنعام : ١٢١] ، وقوله : (أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) [الأنعام : ١٤٥].
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» ٤ / ١٣٥ ، عن ابن عباس.
(٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٧٢.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٣٩٦) وعزاه لابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط عن ابن عمر.
وأخرجه الطبري (٤ / ١٣٨).
(٤) أخرجه البخاري (١ / ٣٣) كتاب الإيمان باب خوف المؤمن (٤٨) و (٩ / ٩٠) كتاب الفتن باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم لا ترجعوا بعدي كفارا رقم (٧٠٧٦) ومسلم كتاب الإيمان باب ٢٨ رقم ١١٦ والترمذي (١٩٨٣ ، ٢٦٣٥) والنسائي (٧ / ١٢٢) وابن ماجه (٦٩ ، ٣٩٣٩ ، ٣٩٤٠) وأحمد (١ / ٣٨٥ ، ٤١١ ، ٤٣٣ ، ٤٥٤) والبيهقي (١ / ٢٠٩) ، (٨ / ٢٠) والطبراني في «الكبير» (١ / ١٠٧) ، (١٠ / ١٢٩ ، ١٩٤ ، ١٩٧) والحميدي (١٠٤) وابن عبد البر في «التمهيد» (٤ / ٢٣٦) وأبو عوانة (١ / ٢٤) والطحاوي في «المشكل» (١ / ٣٦٥) والبخاري في «التاريخ الصغير» (١ / ٢٢٩) وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (٥ / ٢٣) والخطيب في «تاريخ بغداد» (٣ / ٣٩٧) ، (١٠ / ٨٦ ، ١٣ / ١٨٥).
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ١٣٩) عن ابن زيد.