الخامس : قال ابن عمر : هو قتل الصّيد ، وسائر محظورات الإحرام (١).
وأمّا الجدال : فهو «فعال» من المجادلة ، الذي هو الفتل ، يقال : زمام مجدول وجديل ، أي : مفتول ، والجديل : اسم للزّمام ؛ لأنه لا يكون إلّا مفتولا ، وسميت المخاصمة مجادلة لأنّ كلّ واحد من الخصمين يروم أن يفتل صاحبه عن رأيه. وذكر المفسرون فيه وجوها :
أحدها : قال ابن مسعود ، وابن عباس ، والحسن : هو الجدال الذي يخاف معه الخروج إلى السّباب ، والتكذيب ، والتجهيل (٢). وهو قول عمرو بن دينار ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والزهريّ ، وعطاء ، وقتادة (٣).
الثاني : قال محمد بن كعب القرظيّ : إنّ قريشا كانوا إذا اجتمعوا بمنى قال بعضهم : حجّنا أتمّ. وقال آخرون : بل حجّنا أتم ، فنهاهمّ الله عن ذلك (٤).
الثالث : قال القاسم بن محمد : هو أن يقول بعضهم : الحجّ اليوم ، ويقول بعضهم : الحج غدا (٥) ، وذلك بأنهم أمروا بأن يجعلوا حساب الشهور على الأهلّة ، فكان بعضهم يجعل الشهور على الأهلّة ، وآخرون يجعلونها بالعدد فلهذا السبب ؛ كانوا يختلفون.
الرابع : قال مقاتل ، والقفّال (٦) : هو ما جادلوا فيه النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين أمرهم بنسخ الحج إلى العمرة ، إلّا من قلّد الهدي ، قالوا : كيف نجعلها عمرة ، وقد سمينا الحج؟! فهذا جدالهم (٧).
الخامس : قال مالك في «الموطأ» : الجدال في الحج أنّ قريشا كانوا يقفون عند المشعر الحرام في المزدلفة بقزح (٨) وغيرهم يقف بعرفات ، وكلّ منهم يزعم أنّ موقفه
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ١٣٩ ـ ١٤٠).
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٤١.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٣).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ١٤٥ ـ ١٤٦).
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ١٤٦) عن القاسم بن محمد.
(٦) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٤١.
(٧) تقدم.
(٨) وهو القرن الذي يقف الإمام عنده بالمزدلفة عن يمين الإمام ، وهو الميقدة ، وهو الموضع الذي كانت توقد في النيران في الجاهلية ، وهو موقف قريش في الجاهلية ؛ إذ كانت لا تقف ب «عرفة» ، وفي كتاب لحن العامة» لأبي منصور : اختلف العلماء في تفسير قولهم : قوس قزح فروي عن ابن عباس ، ـ رضى الله عنه ـ ؛ أنه قال : لا تقولوا : قوس قزح ؛ فإن «قزح» اسم شيطان ، ولكن قولوا : قوس الله.
ينظر : معجم البلدان ٤ / ٣٨٧.