يأخذ من اللّيل شيئا ، وأمّا من وقف بعرفة باللّيل ، فإنّه لا خلاف بين الأئمّة في تمام حجّة ، [فإذا غربت الشّمس ، دفع الإمام من عرفات وأخّر صلاة المغرب](١) وعند أحمد ـ رضي الله عنه ـ وقت الوقوف من طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر.
فصل
قال القرطبيّ (٢) : لا خلاف بين العلماء أنّ الوقوف بعرفة راكبا لمن قدر عليه أفضل ؛ لفعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذلك ، وعرفة كلها موقف إلّا بطن عرنة.
قال : ولا بأس بالتّعريف في المساجد يوم عرفة ؛ تشبيها بأهل عرفة.
فصل
فإذا غربت الشّمس دفع الإمام من عرفات ، وأخّر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء بالمزدلفة.
وفي تسميتها بالمزدلفة (٣) أقوال :
أحدها : أنّهم يقربون فيها من منى ، والازدلاف : القرب.
والثاني : أنّ النّاس يجتمعون فيها ، والاجتماع الازدلاف.
والثالث : يزدلفون إلى الله ـ تعالى ـ ، أي : يتقرّبون بالوقوف ، ويقال للمزدلفة : جمع ؛ لأنّه يجمع فيها بين المغرب والعشاء ؛ قاله قتادة (٤).
وقيل : إنّ آدم ـ عليهالسلام ـ اجتمع فيها مع حوّاء ، وازدلف إليها (٥) ، أي : دنى
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ٢٧٦.
(٣) المزدلفة : بالضّم ثم السكون ، ودال مفتوحة مهملة ، ولام مكسورة وفاء ، اختلف فيها لم سميت بذلك؟ فقيل : مزدلفة منقولة من الازدلاف ؛ وهو الاجتماع ، وفي التنزيل : (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ) ، وقيل : الازدلاف الاقتراب ؛ لأنها مقربة من الله ، وقيل : لازدلاف الناس في «منّى» بعد الإفاضة ، وقيل : لاجتماع الناس بها ، وقيل : لازدلاف آدم وحواء بها ، أي : لاجتماعهما ، وقيل : لنزول الناس بها في زلف الليل ، وهو جمع أيضا ، وقيل : الزلفة القربة ، فسمّيت مزدلفة ؛ لأن الناس يزدلفون فيها إلى الحرم ، وقيل : إن آدم لمّا هبط إلى الأرض ، لم يزدلف إلى حوّاء أو تزدلف إليه ، حتّى تعارفا ب «عرفة» واجتمعا ب «المزدلفة» فسميت جمعا ومزدلفة ، وهو مبيت للحاج ومجمع الصلاة إذا صدروا من عرفات ، وهو مكان بين بطن محسّر والمأزمين ، والمزدلفة : المشعر الحرام ، ومصلّى الإمام يصلي فيه العشاء والمغرب والصبح ، وقيل : لأن الناس يدفعون منها زلفة واحدة ، أي : جميعا ، وحدّه إذا أفضت من عرفات تريده ، فأنت فيه حتى تبلغ القرن الأحمر ، دون محسّر وقزح الجبل الذي عند الموقف ، وهي فرسخ من «منّى» بها مصلى ، وسقاية ، ومنارة ، وبرك عدّة إلى جنب جبل ثبير.
ينظر : معجم البلدان ٥ / ١٤٢.
(٤) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٥٠.
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ١١١) ، وعزاه لابن سعد في «الطبقات» وابن عساكر في «التاريخ» عن ابن عباس.