اللّباب في علوم الكتاب [ ج ٣ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في اللّباب في علوم الكتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

وقوله تعالى : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) أمر بأن نذكره بالأسماء والصّفات التي بيّنها لنا وهدانا إليها ، لا بأسماء تذكر بحسب الرّأي والقياس.

وقيل : أمر بالذّكر أولا ، ثم قال : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) ، أي : وافعلوا ما أمركم به من الذّكر كما هداكم لدين الإسلام ، كأنّه قال : إنّما أمرتكم بهذا الذّكر ؛ لتكونوا شاكرين لتلك النّعمة ، ونظيره ما أمرهم به من التكبير عند فراغ رمضان ، فقال : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) [البقرة : ١٨٥] ، وقال في الأضاحي : (كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) [الحج : ٣٧].

وقيل : أمر أولا بالذّكر باللّسان ، وثانيا بالذّكر بالقلب ، فإن الذكر في كلام العرب ضربان:

أحدهما : الذّكر ضد النّسيان.

والثاني : الذّكر بالقول.

فالأول : كقوله : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) [الكهف : ٦٣].

والثاني : كقوله : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) [البقرة : ٢٠٠] ، و (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) [البقرة : ٢٠٣] فالأول محمول على الذّكر باللّسان ، والثاني على الذكر بالقلب.

وقال ابن الأنباري (١) : معنى قوله : (اذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) أي : اذكروه بتوحيده كما ذكركم بهدايته.

وقيل : المراد مواصلة الذكر بالذّكر ؛ كأنه قيل لهم : اذكروا الله واذكروه ، أي : اذكروه ذكرا بعد ذكر ؛ كما هداكم هداية بعد هداية ، نظيره قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) [الأحزاب : ٤١].

وقيل : المراد بالذكر الأول : ذكر الله بأسمائه وصفاته الحسنى ، والمراد بالثاني : الاشتغال بشكر نعمائه ، والشّكر مشتمل أيضا على الذّكر.

فصل

قال بعضهم (٢) : إن هذه الهداية خاصّة ، والمراد : كما هداكم في مناسك حجّكم إلى سنّة إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ.

وقال بعضهم (٣) : بل هي عامّة متناولة لكل أنواع الهدايات.

قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ:) «إنّ» هذه هي المخفّفة من الثقيلة ، واللام

__________________

(١) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ١٥٣.

(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٥٣.

(٣) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٥٣.