وقال الحسن (١) : في الدّنيا حسنة العلم والعبادة ، وفي الآخرة : الجنّة والنظر.
روى الضحّاك عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ؛ أنّ رجلا دعا ربّه فقال : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «ما أعلم أنّ هذا الرّجل سأل الله شيئا من أمر الدّنيا» ، فقال بعض الصحابة : بلى يا رسول الله إنّه قال : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) ، فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إنّه يقول ربّنا آتنا في الدّنيا عملا صالحا» (٢).
وقال السّدّيّ وابن حيان : في الدّنيا رزقا حلالا وعملا صالحا ، وفي الآخرة المغفرة والثّواب(٣).
وقال عوف : من آتاه الله الإسلام والقرآن وأهلا ومالا ، فقد أوتي في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة (٤).
وقيل : الحسنة في الدّنيا الصّحة والأمن ، والكفاية ، والولد الصّالح ، والزّوجة الصّالحة ، والنّصرة على الأعداء ؛ لأن الله تعالى سمّى الخصب والسّعة في الرّزق حسنة ؛ فقال : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) [التوبة : ٥٠].
وقيل في قوله تعالى (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) [التوبة : ٥٢] أنهما الظّفر والنّصرة ، وأمّا الحسنة في الآخرة فهي الفوز بالثّواب والخلاص من العقاب.
وقال قتادة : هو طلب العافية في الدّارين (٥).
وبالجملة فهذا الدّعاء جامع لجميع مطالب الدّنيا والآخرة ؛ روى ثابت ؛ أنّهم قالوا لأنس : ادع لنا ، فقال : «اللهم آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار» قالوا : زدنا ، فأعادها ، قالوا : زدنا ، قال : ما تريدون ؛ قد سألت لك خير الدّنيا والآخرة (٦).
وعن أنس ؛ قال : كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يكثر أن يقول : ربّنا آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار (٧).
__________________
(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٧٧.
(٢) ذكره الفخر الرازي في «التفسير الكبير» (٥ / ١٦١) من رواية الضحاك عن ابن عباس.
(٣) أخجره الطبري في «تفسيره» ٤ / ٢٠٥ عن السدي.
(٤) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٧٧.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٢٠٣) عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٤١٩) وعزاه لعبد الرزاق في تفسيره.
(٦) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» رقم (٦٣٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٤١٨) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن أنس.
(٧) أخرجه البغوي في «تفسيره» (١ / ١٨٩) عن أنس.