قال سيبويه وقالوا : لئن فعلت ما فعل ، يريد معنى ما هو فاعل وما يفعل.
وتلّخص مما تقدم أن قوله : «ما تبعوا» فيه قولان :
أحدهما : أنه جواب للقسم سادّ مسدّ جواب الشرط ، ولذلك لم يقترن بالفاء.
والثاني : أنه جواب ل «إن» إجراء لها مجرى «لو».
وقال أبو البقاء : «ما تبعوا» أي : لا يتبعوا فهو ماض في معنى المستقبل ، ودخلت «ما» حملا على لفظ الماضي ، وحذفت الفاء في الجواب ؛ لأن فعل الشرط ماض.
وقال الفراء : «إن» هنا بمعنى «لو».
وهذا من أبي البقاء يؤذن أن الجواب للشرط وإنما حذفت الفاء لكون فعل الشرط ماضيا ، وهذا منه غير مرض ؛ لأنه خالف البصريين والكوفيين بهذه المقالة.
فصل في المراد بالآية
قال الأصم : المراد من الآية علماؤهم الذين أخبر عنهم في الآية الكريمة المتقدمة بقوله تعالى: (وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ١٤٤] ؛ لأن الآية الكريمة لا تتناول العوام ، ولو كان المراد الكل لامتنع الكتمان ؛ لأن الجمع العظيم لا يجوز عليهم الكتمان ، ولأنا لو حملناه على العموم لصارت الآية كذبا ؛ لأن كثيرا من أهل الكتاب آمن بمحمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ وتبع قبلته.
وقال آخرون : بل المراد جميع أهل الكتاب من اليهود والنصارى ؛ لأن الذين أوتوا الكتاب صيغة عموم ، فيتناول الكل.
فصل في لفظ «آية»
«الآية» : وزنها «فعلة» أصلها : «أيية» ، فاستثقلوا التشديد في الآية فأبدلوا من الياء الأولى ألفا لانفتاح ما قبلها.
والآية : الحجّة والعلامة ، وآية الرجل : شخصه ، وخرج القوم بآيتهم أي : جماعتهم.
وسميت آية القرآن بذلك ؛ لأنها جماعة حروف. وقيل : لأنها علامة لانقطاع الكلام الذي بعدها.
وقيل : لأنها دالّة على انقطاعها عن المخلوقين ، وأنها ليست إلا من كلام الله تعالى.
فصل في سبب نزول هذه الآية
روي أن يهود «المدينة» ، ونصارى «نجران» قالوا للرسول صلىاللهعليهوسلم وشرف وكرم ومجد