تلدّ أقران الرّجال ، معناه أنّه في أي وجه أخذ خصمه من اليمين أو الشمال في أبواب الخصومة غلبه.
ورجل ألدّ وألندد ويلندد ، وامرأة لدّاء ، والجمع «لدّ» ك «حمر».
وفي اشتقاقه أقوال : قال الزجّاج (١) : من لديدي العنق ، وهما صفحتاه.
وقيل : من لديدي الوادي ، وهما جانباه ، سمّيا بذلك ؛ لا عوجاجهما.
وقيل : هو من لدّه إذا حبسه ، فكأنه يحبس خصمه عن مفاوضته.
و «الخصام» فيه قولان :
أحدهما : قال الزجّاج : وهو جمع خصم بالفتح ؛ نحو : كعب وكعاب ، وكلب وكلاب ، وبحر وبحار ، وعلى هذا فلا تحتاج إلىّ تأويل.
والثاني : قال الخليل وأبو عبيد إنه مصدر ، يقال : خاصم خصاما ، نحو قاتل قتالا ، وعلى هذا فلا بد من مصحّح لوقوعه خبرا عن الجثّة ، فقيل : في الكلام حذف من الأول ، أي وخصامه أشدّ الخصام ، وجعل أبو البقاء «هو» ضمير المصدر الذي هو «قوله» فإنه قال : ويجوز أن يكون «هو» ضمير المصدر الذي هو «قوله» وهو خصام ، والتقدير : خصامه ألدّ الخصام.
وقيل : من الثاني ، أي : وهو أشدّ ذوي الخصام ، وقيل : أريد بالمصدر اسم الفاعل ؛ كما يوصف به في قولهم : رجل عدل وخصم ، وقيل : «أفعل» هنا ليست للتفضيل ، بل هي بمعني لديد الخصام ، فهو من باب إضافة الصفة المشبهة ، وقال الزمخشريّ (٢) : والخصام المخاصمة ، وإضافة الألدّ بمعنى «في» ؛ كقولهم : «ثبت الغدر» يعني أن «أفعل» ليس من باب ما أضيف إلى ما هو بعضه ، بل هي إضافة على معنى «في» ؛ قال أبو حيان : وهذا مخالف لما يزعمه النحاة من أنّ «أفعل» لا تضاف إلا إلى ما هي بعضه ، وفيه إثبات الإضافة بمعنى «في» ، وهو قول مرجوح ، وقيل : «هو» ليس ضمير «من» بل ضمير الخصومة يفسّره سياق الكلام ، أي : وخصامه أشدّ الخصام.
فصل في بيان عموم هذه الآية
قال بعض المفسّرين : هذه الآية الكريمة مختصّة بأقوام معيّنين ، وقال بعضهم : إنّها عامة في كلّ من اتّصف بهذه الصّفة ، والأولون اختلفوا على وجوه :
أحدها : أنها نزلت في الأخنس بن شريق (٣) الثقفي حليف بني زهرة ، واسمه : أبي ، وسمّي الأخنس ؛ لأنه خنس يوم بدر بثلاثمائة من بني زهرة عن قتال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ،
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن ١ / ٢٦٧.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٨٩.
(٣) في ب : شريف.