الرّجل ، ثم تكون عامّة في كلّ من كان موصوفا بهذه الصّفات.
وروت عائشة ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم قال : ـ «إنّ أبغض الرّجال إلى الله الألدّ الخصم» (١).
قال ابن الخطيب (٢) : نزول الآية الكريمة على سبب لا يمنع من العموم ، بل في الآية الكريمة ما يدلّ على العموم من وجوه :
الأول : أنّ ترتيب الحكم على الوصف المناسب مشعرا بالعلّيّة (٣).
الثاني : أنّ الحمل على العموم أكثر فائدة ، لأنّه زجر لكلّ مكلّف عن تلك الطّريقة المذمومة.
الثالث : أنّه أقرب إلى الاحتياط.
قال قتادة ومجاهد وجماعة من العلماء : نزلت في كلّ مبطن كفرا ، أو نفاقا ، أو كذبا أو إضرارا ، وهو يظهر بلسانه خلاف ذلك (٤) ، فهي عامة.
قال القرطبي (٥) رحمهالله : وهي تشبه ما ورد في التّرمذيّ أنّ في بعض الكتب أنّ الله تعالى يقول : «إنّ من عبادي قوما ألسنتهم أحلى من العسل ، وقلوبهم أمر من الصّبر ، يلبسون للنّاس جلود الضّأن من اللّين ، يشترون الدّنيا بالدّين ، يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ إنّهم لمغترّون ، وعلى الله يجترئون فبي حلفت لأسلّطنّ عليهم فتنة تدع الحليم منهم حيران. ومعنى : (وَيُشْهِدُ اللهَ) ، أي : يقول : الله يعلم أنّي أقول حقّا.
فصل
اختلفوا في الموصوف بالصّفات المذكورة في الآية ، هل هو منافق أم لا؟
قال ابن الخطيب (٦) : إنّها لا تدلّ على ذلك ، فإنّ قوله : «يعجبك قوله في الحياة
__________________
(١) أخرجه البخاري (٩ / ١٣٣) كتاب الأحكام باب الألدّ الخصم رقم (٧١٨٨) ومسلم (٢٠٥٤) والنسائي (٨ / ٢٤٨) وأحمد (٦ / ٥٥) والترمذي (٢٩٧٦) والبيهقي (١٠ / ١٠٨) وفي «الأسماء والصفات» (٥٠١) والحميدي (٢٧٣).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٤٢٨) وزاد نسبته لوكيع وعبد بن حميد وابن مردويه عن عائشة.
(٢) ينظر تفسير الرازي ٥ / ١٦٨.
(٣) تنظر مصادر المسألة في : البرهان ٢ / ٨١٠ ، ٨١١ ، زوائد الأصول ص ٢٨٦ ، الإحكام للآمدي ٣ / ٥٦ ، الإبهاج ٣ / ٥٠ ، العضد ٢ / ٢٣٤ ، التلويح على التوضيح ٢ / ٦٨ ، تيسير التحرير ٤ / ٤٠ ، التحرير ص ٤٧٥ ، نهاية السول ٤ / ٦٥.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٢٣٢ ، ٢٣٣) عن قتادة.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٢.
(٦) ينظر : الرازي ٥ / ١٦٨.