والنّسل في اللّغة الولد ، ومن قال : إنّ الأخنس بيّت على قوم ثقيف وقتل منهم جمعا ، فالمراد بالحرث : الرجال والنساء.
أمّا النساء فلقوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢٢٣].
وأمّا الرجال : فهم الذين يشقون أرض التوليد ، وأمّا النسل فالمراد منه الصبيان.
قوله : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ).
قال العباس بن الفضل : الفساد هو الخراب (١).
وقال سعيد بن المسيب : قطع الدراهم من الفساد في الأرض (٢).
وقال عطاء : كان رجل يقال له عطاء بن منبه أحرم في جبّة ، فأمره النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن ينزعها.
قال قتادة : قلت لعطاء : إنّا كنا نسمع أن يشقها ، فقال عطاء : إنّ الله لا يحب الفساد(٣).
قال القرطبي (٤) : والآية تعمّ كلّ فساد كان في الأرض ، أو مال أو دين ، وهو الصحيح.
وقيل : معناه لا يجب الفساد من أهل الصلاح ، أو لا يحبه دينا ، أو المعنى لا يأمر به.
فصل في بيان فساد قول المعتزلة في معنى المحبة
استدلت المعتزلة به على أنّه تبارك وتعالى لا يريد القبائح ، قالوا : المحبة عبارة عن الإرادة لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا) [النور : ١٩] والمراد أنهم يريدون.
وأيضا : نقل عن النبيّ ـ عليهالسلام ـ أنّه قال : «إنّ الله أحبّ لكم ثلاثا ، وكره لكم ثلاثا : أحبّ لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تتناصحوا من ولاه أمركم ، ويكره لكم القيل والقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السّؤال» (٥) فجعل الكراهة ضدّ المحبة ، وإذا ثبت أنّ الإرادة نفس المحبة ، فقوله : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) ، كقوله : لا يريد الفساد ، وكقوله (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) [غافر : ٣١] ، وإذا كان لا يريد الفساد ، لا يكون خالقا له ؛ لأنّ الخلق لا يمكن إلّا مع الإرادة. وأجيبوا بوجهين :
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٣ / ١٤).
(٢) ذكره البغوي في تفسيره (١ / ١٨٠) ، وينظر المصدر السابق.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٣ / ١٤).
(٤) ينظر : القرطبي ٣ / ١٤.
(٥) أخرجه مسلم كتاب الأقضية (١٠ ، ١١) وأحمد (٢ / ٣٦٧) والبيهقي (٨ / ١٦٣) والبغوي في «تفسيره» (١ / ٣٩٢) والبخاري في «الأدب» (٤٤٢) والبغوي في «شرح السنة» (١ / ٢٠٢).
وذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (٤٣٢٧٥).