وقال عطاء (١) : نزلت في رؤساء اليهود ، وعلمائهم ، من بني قريظة ، والنّضير ، وبني قينقاع ؛ سخروا من فقر المسلمين المهاجرين حيث أخرجوا من ديارهم ، وأموالهم ، فوعدهم الله أن يعطيهم أموال بني قريظة والنّضير بغير قتال.
وقال مقاتل : نزلت في المنافقين كعبد الله بن أبيّ ، وأصحابه ؛ كانوا يتنعّمون في الدّنيا ، ويسخرون من ضعفاء المسلمين ، وفقراء المهاجرين ، ويقولون : انظروا إلى هؤلاء الذين يزعم محمد أنه يغلب بهم (٢).
قال ابن الخطيب (٣) : ولا مانع من نزولها في جميعهم.
روى أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وقفت على باب الجنّة ، فرأيت أكثر أهلها المساكين ، ووقفت على باب النّار ، فرأيت أكثر أهلها النّساء ، وإنّ أهل الجدّ محبوسون إلّا من كان منهم من أهل النّار ، فقد أمر به إلى النّار» (٤).
وروى سهل بن سعد السّاعديّ ، قال : مرّ رجل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال لرجل عنده جالس : «ما رأيك في هذا» فقال هذا رجل من أشراف النّاس ، هذا والله حريّ إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفّع ، قال : فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم مرّ رجل ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما رأيك في هذا»؟ فقال : يا رسول الله ، هذا من فقراء المسلمين ، هذا حريّ إن خطب ألّا ينكح وإن شفع ألا يشفّع ، وإن قال لا يسمع لقوله. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا خير من ملء الأرض مثل هذا» (٥).
وروي عن عليّ ؛ أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «من استذلّ مؤمنا أو مؤمنة ، أو حقّره لفقره وقلّة ذات يده ، شهره الله يوم القيامة ، ثم فضحه ، ومن بهت مؤمنا أو مؤمنة ، أو قال فيه ما ليس فيه أقامه الله تعالى في تلّ من نار يوم القيامة ؛ حتّى يخرج ممّا قال فيه ...» (٦).
فصل
قال الجبّانيّ (٧) : المزيّن هم غواة الجن ، والإنس ؛ زينوا للكفار الحرص على الدّنيا ، وقبّحوا أمر الآخرة.
__________________
(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٨٥.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ٥ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٥.
(٣) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ٥.
(٤) أخرجه عبد الرزاق (٢٠٦١١) وابن قانع كما في كنز العمال (٦ / ٤٨٦) رقم (١٦٦٦٢) عن أسامة بن زيد.
(٥) أخرجه البخاري (٧ / ١٢) كتاب النكاح باب (الأكفاء في الدين) رقم (٥٠٩١) و (٨ / ١٧١) كتاب الرقاق باب فضل الفقر رقم (٦٤٤٧).
(٦) ذكره ابن عراق في تنزيه الشريعة (٢ / ٣١٦) وعزاه إلى ابن لال في (مكارم الأخلاق) من حديث علي وحكم عليه بالوضع.
(٧) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ٦.