١٠٤١ ـ واحفظ وديعتك الّتي أودعتها |
|
يوم الأعازب إن وصلت وإن لم (١) |
ومنها : أنّها لنفي الماضي المتصل بزمان الحال ، و «لم» لنفيه مطلقا أو منقطعا على ما مرّ.
ومنها : أنّ «لمّا» لا تدخل على فعل شرط ، ولا جزاء بخلاف «لم».
ومنها أنّ «لم» قد تلغى بخلاف «لمّا» ، فإنها لم يأت فيها ذلك ، وباقي الكلام على ما يأتي إن شاء الله تعالى في سورة «الحجرات» عند قوله تعالى : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ) [الحجرات : ١٤].
واختلف في «لمّا» فقيل : مركبة من لم و «ما» زيدت عليها.
وقال سيبويه : بسيطة وليست «ما» زائدة ؛ لأنّ «لما» تقع في مواضع لا تقع فيها «لم» ؛ يقول الرجل لصاحبه : أقدّم فلانا ، فيقول «لمّا» ، ولا يقال : «لم» مفردة.
قال المبرّد : إذا قال القائل : لم يأتني زيد ، فهو نفي لقولك أتاك زيد ، وإذا قال : لمّا يأتني ، فمعناه : أنّه لم يأتني بعد ، وأنا أتوقّعه ؛ قال النابغة : [الكامل]
١٠٤٢ ـ أرف التّرحّل غير أنّ ركابنا |
|
لمّا تزل برحالنا وكأن قد (٢) |
وفي قوله «مثل الّذين» حذف مضاف ، وحذف موصوف ، تقديره : ولمّا يأتكم مثل محنة المؤمنين الذين خلوا.
و «من قبلكم» متعلّق ب «خلوا» وهو كالتأكيد ، فإنّ الصلة مفهومة من قوله : «خلوا».
فصل في سبب نزول (أَمْ حَسِبْتُمْ) الآية
قال ابن عبّاس ، وعطاء : لمّا دخل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة اشتدّ عليهم الضرر ؛ لأنّهم خرجوا بلا مال ، وتركوا ديارهم ، وأموالهم بأيدي المشركين ، وآثروا رضا الله ورسوله ، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأسرّ قوم النفاق ، فأنزل الله تعالى ؛ تطييبا لطيوبهم : (أَمْ حَسِبْتُمْ)(٣).
وقال قتادة والسّديّ : نزلت في «غزوة الخندق» أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد ، والحزن ، وشدّة الخوف ، والبرد ، وضيق العيش ، وأنواع الأذى ؛ كما قال تعالى :
__________________
(١) البيت لإبراهيم بن هرمة ينظر ديوانه ص ١٩١ ، وخزانة الأدب ٩ / ١٠٠٨ ، والدرر ٥ / ٦٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٨٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٤٣ ، والأشباه والنظائر ٤ / ١١٤ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٠٢ ، وجواهر الأدب ص ٢٥٦ ، ٤٢٤ ، والجنى الداني ص ٢٦٩ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٧٦ ، ومغني اللبيب ١ / ٢٨٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٦.
(٢) تقدم برقم ٥٦٦.
(٣) ذكره الرازي في «التفسير الكبير» (٦ / ١٧) عن ابن عباس.