الرابع : الضر : الأهوال ؛ قال تعالى : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ) [الإسراء : ٦٧].
قوله : «وزلزلوا» أي : حرّكوا بأنواع البلايا والرّزايا.
قال الزّجّاج : أصل الزّلزلة في اللغة من زلّ الشيء عن مكانه ، فإذا قلت : زلزلته فتأويله : أنّك كررت تلك الإزالة فضوعف لفظه بمضاعفة معناه ؛ لأن ما فيه تكرير يكرّر فيه الفعل نحو : صرّ وصرصر ، وصلّ وصلصل ؛ وكفّ وكفكف ، وفسر بعضهم «زلزلوا» أي : خوّفوا ؛ وذلك لأنّ الخائف لا يستقر بل يضطرب قلبه.
قوله تعالى : (حَتَّى يَقُولَ) قرأ الجمهور : «يقول» نصبا ، وله وجهان :
أحدهما : أنّ «حتّى» بمعنى «إلى» ، أي : إلى أن يقول ، فهو غاية لما تقدّم من المسّ والزلزال ، و «حتّى» إنما ينصب بعدها المضارع المستقبل ، وهذا قد وقع ومضى. فالجواب : أنه على حكاية الحال ، [حكى تلك الحال].
والثاني : أنّ «حتّى» بمعنى «كي» ، فتفيد العلّة كقوله : أطعت الله حتّى أدخلني الجنة ، وهذا ضعيف ؛ لأنّ قول الرسول والمؤمنين ليس علّة للمسّ والزلزال ، وإن كان ظاهر كلام أبي البقاء (١) على ذلك ، فإنه قال : «بالرفع على أن يكون التقدير : زلزلوا فقالوا ، فالزّلزلة سبب القول» ، و «أن» بعد «حتّى» مضمرة على كلا التقديرين.
وقرأ نافع برفعه على أنّه حال ، والحال لا ينصب بعد «حتّى» ولا غيرها ؛ لأنّ الناصب يخلّص للاستقبال ؛ فتنافيا.
واعلم أنّ «حتّى» إذا وقع بعدها فعل : فإمّا أن يكون حالا أو مستقبلا أو ماضيا ، فإن كان حالا ، رفع ؛ نحو : «مرض حتّى لا يرجونه» أي : في الحال. وإن كان مستقبلا نصب ، تقول : سرت حتّى أدخل البلد ، وأنت لم تدخل بعد. وإن كان ماضيا فتحكيه ، ثمّ حكايتك له : إمّا أن تكون بحسب كونه مستقبلا ، فتنصبه على حكاية هذه الحال ، وإمّا أن يكون بحسب كونه حالا ، فترفعه على حكاية هذه الحال ، فيصدق أن تقول في قراءة الجماعة : حكاية حال ، وفي قراءة نافع أيضا : حكاية حال.
قال شهاب الدّين : إنّما نبّهت على ذلك ؛ لأنّ عبارة بعضهم تخصّ حكاية الحال بقراءة الجمهور ، وعبارة آخرين تخصّها بقراءة نافع.
قال أبو البقاء (٢) في قراءة الجمهور : «والفعل هنا مستقبل ، حكيت به حالهم ، والمعنى على المضيّ» وكان قد تقدّم أنه وجّه الرفع بأنّ «حتى» للتعليل.
قوله : «معه» هذا الظرف يجوز أن يكون منصوبا بيقول ، أي : إنهم صاحبوه في هذا
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٩١.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٩١.