والثاني : أن يكون فعلا بمعنى مفعول ، كالخبر بمعنى المخبور وهو مكروه لكم. (١)
وقرأ (٢) السّلميّ بفتحها. فقيل : هما بمعنى واحد ، أي : مصدران كالضّعف والضّعف ، قاله الزّجاج (٣) وتبعه الزمخشري.
وقيل : المضموم اسم مفعول ، والمفتوح المصدر.
وقيل : المفتوح بمعنى الإكراه ، قاله الزمخشري في توجيه قراءة السّلميّ ، إلّا أنّ هذا من باب مجيء المصدر على حذف الزوائد ، وهو لا ينقاس.
وقيل : المفتوح ما أكره عليه المرء ، والمضموم ما كرهه هو.
فإن كان «الكره» ، و «الكره» مصدرا ، فلا بدّ من تأويل يجوز معه الإخبار به عن «هو» ، وذلك التأويل : إمّا على حذف مضاف ، أي : والقتال ذو كره ، أو على المبالغة ، أو على وقوعه موقع اسم المفعول. وإن قلنا : إنّ «كرها» بالضّم اسم مفعول ، فلا يحتاج إلى شيء من ذلك. و «لكم» في محلّ رفع ؛ لأنه صفة لكره ، فيتعلّق بمحذوف أي : كره كائن.
فصل في بيان الإذن في القتال
اعلم أنه ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ كان غير مأذون له في القتال مدة إقامته بمكة ،
__________________
ـ ينظر ديوانها ص (٣٨٣) ، الأشباه والنظائر ١ / ١٩٨ ، خزانة الأدب ١ / ٤٣١ ، شرح أبيات سيبويه ١ / ٢٨٢ ، الشعر والشعراء ١ / ٣٥٤ ، الكتاب ١ / ٣٣٧ ، لسان العرب (رهط) (قبل) (سوا) ، المقتضب ٤ / ٣٠٥ ، المنصف ١ / ١٩٧ ، الأشباه والنظائر ٢ / ٣٨٧ ، شرح الأشموني ١ / ٢١٣ ، شرح المفصل ١ / ١١٥ ، المحتسب ٢ / ٤٣ ، الدر المصون ٢ / ٦٤٨ ، مجالس العلماء للزجاجي ٣٤٠ ، الخصائص ٢ / ٢٠٣ ، ٣ / ١٨٩. التصريح بمضمون التوضيح ١ / ٣٣٢ ، أمالي ابن الشجري ١ / ٧١.
(١) خبر المبتدأ إذا كان مفردا إما مشتقّ ، أو جامد ، وكلاهما إما أن يغاير المبتدأ لفظا ، أو لا ؛ والأوّل إما أن يتحد به معنى ، نحو : زيد أخوك ، وزيد قائم ؛ أو يغايره معنى أيضا ، والمغاير يقع خبرا عنه ، إما لمساواته في معنىّ ؛ كقوله تعالى : وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ، أو لحذف المضاف من المبتدأ أو الخبر ، نحو : داري منك فرسخان. أي : بعد داري فرسخان ، أو داري منك ذات مسافة فرسخين ؛ أو لكون واحد من المبتدأ أو الخبر معنى والآخر عينا ، ولزوم ذلك المعنى لتلك العين ، حتى صار كأنه هي ؛ كقول الخنساء : فإنما هي إقبال وإدبار ؛ فإن قدّرنا المضاف في مثله في المبتدأ ، أي : حالها إقبال ؛ أو في الخبر ، نحو : ذات إقبال ؛ أو جعلنا المصدر بمعنى الصّفة ، نحو : وهي مقبلة ـ جاز ، ولكنه يخلو من معنى المبالغة. قال عبد القاهر في «دلائل الإعجاز» : ومما طريق المجاز فيه الحكم البيت السابق ؛ وذلك أنها لم ترد بالإقبال والإدبار غير معناهما ، فتكون قد تجوّزت في نفس الكلمة ، وإنما تجوزت في أن جعلتها لكثرة ما تقبل وتدبر ؛ لغلبة ذلك عليها ، واتصاله بها ، وأنه لم يكن لها حال غيرهما ـ كأنها قد تجشّمت من الإقبال والإدبار ، وإنما يكون المجاز في نفس الكلمة ، لو أنها قد استعارت الإقبال والإدبار لمعنى غير معناهما الذي وضعا له في فقه اللغة. ينظر : المصادر السابقة.
(٢) انظر : الشواذ ٢٠ ، والبحر المحيط ٢ / ١٥٢ ، والدر المصون ١ / ٥٢٥.
(٣) ينظر : معاني القرآن للزجاج ١ / ٢٨٠.