الرابع : الوجه هو الله تعالى كقوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥] ، ومثله : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) [الإنسان : ٩] ، وقوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] أي : إلّا إياه.
قوله تعالى : (هُوَ مُوَلِّيها) جملة من مبتدأ وخبر في محلّ رفع ؛ لأنها صفة ل «وجهة» [وهي قراءة الجمهور](١) واختلف في «هو» على قولين :
أحدهما : أنه يعود على لفظ «كلّ» لا على معناها ، ولذلك أفرد [قال القرطبي : ولو كان على المعنى لقال : هم مولوها وجوههم فالهاء والألف مفعول أول](٢). والمفعول الثاني محذوف لفهم المعنى تقديره : هو موليها وجهه أو نفسه ، ويؤيد هذا قراءة ابن عامر (٣) : «مولّاها» على ما لم يسم فاعله.
والثاني : أنه يعود على الله ـ تعالى ـ أي : الله مولّي القبلة إياه ، أي ذلك الفريق.
وقرأ الجمهور : «موليها» على اسم فاعل ، وقد تقدم أنه حذف أحد مفعوليه ، وقرأ ابن عامر ـ ويعزى لابن عباس ـ «مولّاها» على اسم المفعول ، وفيه ضمير مرفوع قائم مقام الفاعل والثاني : هو الضمير المتصل به وهو «ها» العائد على الوجهة.
وقيل : على التولية ذكره أبو البقاء ، وعلى هذه القراءة يتعيّن عود «هو» إلى الفريق ؛ إذ يستحيل في المعنى عوده على الله تعالى. [ولقراءة ابن عامر معنيان :
أحدهما : ما وليته فقد ولّاك ؛ لأن معنى وليته أي : جعلته بحيث يليه ، وإذا صار بحيث يلي ذاك ، فذاك أيضا يلي هذا ، فإذا قد يفيد كل واحد منهما الآخر.
فهو كقوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) [البقرة : ٣٧] فهذا قول الفراء.
الثاني : «هو مولّيها» أي : قد زينت لك تلك الجهة أي صارت بحيث تتبعها وترضاها](٤).
وقرأ بعضهم (٥) : «ولكلّ وجهة» بالإضافة ، ويعزى لابن عامر ، واختلفوا فيها على ثلاثة أقوال :
أحدها ، وهو قول الطبري : أنها خطأ ، وهذا ليس بشيء ؛ إذ الإقدام على تخطئة ما ثبت عن الأئمة لا يسهل.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في ب.
(٣) انظر السبعة : ١٧١ ، والكشف : ١ / ٢٦٧ ، والحجة للقراء السبعة : ٢ / ٢٣٠ ، والعنوان : ٧٢ ، وحجة القراءات : ١١٧ ، وشرح الطيبة : ٤ / ٧٤ ، ٧٥ ، وشرح شعلة : ٢٧٨ ، وإتحاف فضلاء البشر : ١ / ٤٢٢.
(٤) سقط في ب.
(٥) وقد نسبها في الشواذ ص ١٠ لابن عباس.
انظر المحرر الوجيز : ١ / ٢٢٤ ، والبحر المحيط : ١ / ٦١١ ، والدر المصون : ١ / ٤٠٥.