وعن بعضهم ثمانية عشر شهرا](١) من مقدمه.
وقال الواقدي : صرفت القبلة يوم الاثنين النصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرا.
وقال آخرون : بل سنتان.
القول الثاني : قول أبي مسلم وهو أنه لما صح الخبر بأن الله ـ تعالى ـ حوّلها إلى الكعبة وجب القول به ، ولو لا ذلك لاحتمل لفظ الآية أن يراد بقوله : (كانُوا عَلَيْها) ، أي : السفهاء كانوا عليها فإنهم كانوا لا يعرفون إلا قبلة اليهود والنصارى ، فقبلة اليهود إلى العرب ؛ لأن النداء لموسى عليه الصلاة والسلام جاء فيه وهو قوله تعالى : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِ) [القصص : ٤٤] ، ولأنه مكان غروب الشمس والكواكب ، وذلك شبه الخروج من الدنيا والعبور إلى الآخرة ، وهو وقت همود الناس الذي هو الموت الأصغر ، واستقبلوا المغرب لشبهه بوقت القدوم على الله تعالى ، والنّصارى إلى المشرق ؛ لأن جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ إنما ذهب إلى مريم في جانب المشرق ، لقوله تعالى : (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) [مريم : ١٦] ؛ لأن المشرق مكان إشراق الأنوار ، ومنه تشرق الكواكب بأنوارها ، فهو مشتبه بحياة العالم فاستقبلوه ؛ لأن منه مبتدأ حياة العالم ، والعرب ما جرت عادتهم بالصلاة حتى يتوجّهوا إلى شيء من الجهات ، فلما رأوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم متوجها إلى الكعبة استنكروا ذلك ، فقالوا : كيف يتوجه أحد إلى غير هاتين الجهتين المعروفتين ، فقال تبارك وتعالى ردا عليهم : (قُلْ : لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ).
قال ابن الخطيب (٢) : «ولو لا الروايات الظاهرة لكان هذا القول محتملا والله أعلم».
فصل في تحرير معنى القبلة
القبلة هي الجهة التي يستقبلها الإنسان ، وهي من المقابلة ، وإنما سميت القبلة قبلة ؛ لأن المصلي يقابلها وتقابله.
وقال قطرب : يقولون في كلامهم : ليس لفلان قبلة أي : ليس له جهة يأوي إليها ، وهو أيضا مأخوذ من الاستقبال.
وقال غيره : إذ تقابل الرجلان ، فكلّ واحد منهما قبلة للآخر. [قال القرطبي : وجمع القبلة في التكسير قبل ، وفي التسليم قبلات ، ويجوز أن يبدل من الكسرة فتحة ، وتقول : قبلات ، ويجوز أن تحذف الكسرة ، وتسكن الباء](٣).
فصل في بعض شبه اليهود والنصارى
قال ابن الخطيب : هذه شبهة من شبه اليهود والنصارى التي طعنوا بها في الإسلام ،
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر الفخر الرازي : ٤ / ٨٤.
(٣) سقط في ب.