فكأنه قيل : واخشوني [لأوفقكم](١) ولأتم نعمتي عليكم.
الثالث : أنه متعلّق بفعل محذوف مقدر بعده تقديره : ولأتمّ نعمتي عليكم عرفتكم أمر قبلتكم».
الرابع : وهو أضعفها أن تكون متعلقة بالفعل قبلها ، و «الواو» زائدة ، تقديره : واخشوني لأتم نعمتي.
وهذه لام «كي» و «أن» مضمرة بعدها ناصبة للمضارع ، فينسبك منهما مصدر مجرور باللام وتقدم تحقيقه ، و «عليكم» فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلق ب «أتمّ».
الثاني : أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من «نعمتي» ، أي : كائنة عليكم.
فإن قيل : إنه ـ تعالى ـ أنزل عند قرب وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) [المائدة : ٣] فبين أن تمام النعمة إنما حصل ذلك اليوم ، فكيف قال قبل ذلك اليوم بسنين كثيرة في هذه الآية (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ)؟!
فالجواب : أنا قلنا تمام النعمة اللّائقة في كل وقت هو الذي خصه به.
وعن عليّ رضي الله عنه : تمام النعمة الموت على الإسلام.
وقوله : (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) فيه سؤال ، وهو أن لفظه التّرجّي ، وهو في حق الله ـ تعالى ـ محال ؛ لأنه يعلم الأشياء على ما هي عليه.
وأجيب عن ذلك بوجهين :
الأول : أن الترجي في الآية الكريمة بالنسبة إلى المخاطبين أي : بإتمام النعمة ترجون الثّواب والاهتداء إلى دلائل التوحيد.
الثاني : قال بعض المفسرين : كل لفظ «لعلّ» في القرآن الكريم المراد به التحقيق كقول الملك لمن طلب منه حاجة وأراد ذلك قضاها ، فنقول لطالب الحاجة : لعلّ حاجتك تقضى.
والاهتداء يطلق ، ويراد به بيان الأدلة كقوله تعالى : (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) [النحل : ١٦] الآية ، ويطلق ويراد به الاهتداء إلى الحق.
قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)(١٥١)
قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا) : الكاف من قوله : «كما» فيها قولان :
__________________
(١) في ب : لأوفيكم.