[وقد راعى لفظ «من» مرة فأفرد في قوله : «يقتل» ، ومعناها أخرى ، فجمع في قوله: (أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ)](١) و «اللام» هنا للعلة ، ولا تكون للتبليغ ؛ لأنهم لم يبلّغوا الشهداء قوله هذا.
والجملة من قوله : «هم أموات» في محلّ نصب بالقول ؛ لأنها محكية به.
وأم ا «بل هم أحياء» فيحتمل وجهين :
أحدهما : ألا يكون له محل من الإعراب ، بل هو إخبار من الله ـ تعالى ـ بأنهم أحياء ، ويرجحه قوله : (وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) ؛ إذ المعنى لا شعور لكم بحياتهم.
والثاني : أن يكون محلّه النصب بقول محذوف تقديره ، بل قولوا : هم أحياء ، ولا يجوز أن ينتصب بالقول الأول لفساد المعنى ، وحذف مفعول «يشعرون» لفهم المعنى : أي بحياتهم ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)(١٥٥)](٢)
قال القفال [رحمهالله :] هذا متعلق بقوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) فإنما نبلوكم بالخوف وبكذا ، وفيه مسائل.
فإن قيل : إنه تعالى قال : (وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) [البقرة : ١٥٢] والشكر يوجب المزيد ، لقوله : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم : ٧] فكيف أردفه بقوله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ)؟.
[قال ابن الخطيب](٣) : والجواب من وجهين :
الأول : أنه ـ تعالى ـ أخبر أنّ إكمال الشرائع إتمام النعمة ، فكأنه كذلك موجبا للشّكر ، ثم أخبر أن القيام بتلك الشرائع لا يمكن إلا بتحمّل المحن ، فلا جرم أمر فيها بالصّبر.
الثاني : أنه ـ تبارك وتعالى ـ أنعم أولا فأمر بالشكر ، ثم ابتلى وأمر بالصّبر ، لينال [الرجل](٤) درجة الشاكرين والصّابرين معا ، فيكمل إيمانه على ما قال عليه الصلاة والسلام : «الإيمان نصفان نصف صبر ، ونصف شكر» (٥).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : إلى قوله تعالى : «والصابرين».
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : العبد.
(٥) ذكره السيوطي في الجامع الصغير قم (٣١٠٦) من رواية البيهقي في «شعب الإيمان» ورمز لضعفه.
قال المناوي في «فيض القدير» (٣ / ١٨٨) : وفيه يزيد الرقاشي قال الذهبي وغيره : متروك.
والحديث ذكره الحافظ العراقي في «تخريج الإحياء» (٤ / ٦٠) وقال : أخرجه أبو منصور الديلمي في «مسند الفردوس» من رواية يزيد الرقاشي عن أنس ويزيد ضعيف. ـ