يجيز البصريون ذلك إلا في الضرورة ، وفتح الفعل المضارع لاتصاله بالنون ، وقد تقدم تحقيق (١) ذلك وما فيه من الخلاف.
[قال القرطبيّ : وهذه «الواو» مفتوحة عند سيبويه ؛ لالتقاء السّاكنين. وقال غيره : لمّا ضمّتا إلى النّون الثّقيلة بني الفعل مضارعا بمنزلة خمسة عشر ، والبلاء يكون حسنا ويكون سيّئا ، وأصله : المحنة ، وقد تقدّم](٢).
قوله تعالى : (بِشَيْءٍ) متعلق بقوله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) و «الباء» معناها الإلصاق ، وقراءة الجمهور على إفراد «شيء» ، ومعناها الدلالة على التقليل ؛ إذ لو جمعه لاحتمل أن يكون ضربا من كل واحد.
وقرأ (٣) الضحاك بن مزاحم : «بأشياء» على الجمع.
وقراءة الجمهور لا بد فيها من حذف تقديره : وبشيء من الجوع ؛ وبشيء من النقص.
وأما قراءة الضحاك فلا تحتاج إلى هذا.
وقوله : (مِنَ الْخَوْفِ) في محلّ جرّ صفة لشيء ، فيتعلّق بمحذوف.
فصل في أقسام ما يلاقيه الإنسان من المكاره
اعلم أنّ كلّ ما يلاقي الإنسان من مكروه ومحبوب ، فينقسم إلى موجود في الحال ، وإلى ما كان موجودا في الماضي ، وإلى ما سيوجد في المستقبل.
فإذا خطر بالبال [وجود شيء](٤) فيما مضى سمي ذكرا وتذكرا ، وإن كان موجودا في الحال يسمى ذوقا ووجدا ، وإنما سمي وجدا ؛ لأنها حالة تجدها من نفسك.
وإن خطر بالبال وجود شيء في الاستقبال وغلب ذلك على القلب سمّي انتظارا وتوقّعا.
فإن كان المنتظر مكروها يحصل منه ألم في القلب يسمى خوفا وإشفاقا ، وإن كان محبوبا سمي ذلك ارتياحا في القلب.
فصل في الفرق بين الخوف والجوع والنّقص
قال ابن عباس رضي الله عنهما : الخوف خوف العدوّ والجوع القحط والنقص من الأموال بالخسران والهلاك والأنفس بمعنى القتل.
__________________
(١) في أ : تحقيقه.
(٢) سقط في ب.
(٣) انظر المحرر الوجيز : ١ / ٢٢٨ ، والبحر المحيط : ١ / ٦٢٣ ، والدر المصون : ١ / ٤١٢.
(٤) في ب : موجود.