فصل
قال القرطبيّ (١) : إذا حلف ألّا يطأ امرأته أكثر من أربعة أشهر ؛ فانقضت الأربعة أشهر ولم تطالبه ، ولم ترفعه إلى الحاكم ، لم يلزمه شيء عند مالك وأكثر أهل المدينة.
وقال بعض أصحابنا : يلزمه بانقضاء الأربعة أشهر طلقة رجعيّة ، وقال بعضهم : طلقة بائنة.
والصّحيح : ما ذهب إليه مالك ، وأكثر أهل المدينة وأصحابه.
فصل هل ينعقد الإيلاء في الغضب؟!
قال ابن عبّاس : لا يكون إيلاء إلّا في حال الغضب (٢) ، وهو المشهور عن عليّ (٣) ـ رضي الله عنه ـ وهو قول اللّيث ، والشّعبي ، والحسن ، وعطاء قالوا : لا يكون الإيلاء إلّا على وجه مغاضبة ومشادّة (٤).
وقال ابن سيرين : يكون في غضب ، وغير غضب (٥) ، وهو قول ابن مسعود ، والثوري ومالك وأهل العراق والشّافعيّ وأحمد.
فصل
والمدخول بها وغير المدخول بها سواء في صحّة الإيلاء منها.
قال القرطبي (٦) : والذّمّيّ لا يصحّ إيلاؤه كما لا يصحّ طلاقه ، ولا ظهاره ؛ لأن نكاح أهل الشّرك عندنا ليس بنكاح صحيح.
فصل
ومدّة الإيلاء أربعة أشهر في حق الحرّ والعبد لأنّها ضربت لمعنى يرجع إلى الطّبع ، وهو قلّة صبر المرأة عن الزّوج ، فيستوي فيه الحرّ والعبد ؛ كمدّة الفيئة ومدّة الرّضاع.
وعند مالك وأبي حنيفة : ينتصف بالرّقّ ، إلّا عند أبي حنيفة : ينتصف برقّ المرأة ، وعند مالك : برقّ الرّجل ؛ كقولهما في الطّلاق.
ولنا : ظاهر قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) فتتناول الكلّ من غير
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٧٠.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٤٥٩) عن ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٤٦٠) عن علي بن أبي طالب وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٤٨٣) وعزاه لعبد بن حميد على علي بلفظ : الإيلاء إيلاءان إيلاء في الغضب وإيلاء في الرضا.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٧٠.
(٥) وهو مروي عن علي بن أبي طالب وقد تقدم.
(٦) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٧١.