١١١١ ـ أتاني كلام من نصيب يقوله |
|
وما خفت يا سلّام أنّك عائبي (١) |
وعلى هذين الوجهين ، فتكون «أن» وما في حيّزها سادّة مسدّ المفعولين عند سيبويه ومسدّ الأول والثاني محذوف عند الأخفش ؛ كما تقدّم مرارا والأول هو الصحيح ، وذلك أنّ «خاف» من أفعال التوقّع ، وقد يميل فيه الظنّ إلى أحد الجائزين ، ولذلك قال الراغب (٢) : «الخوف يقال لما فيه رجاء مّا ؛ ولذلك لا يقال : خفت ألّا أقدر على طلوع السماء ، أو نسف الجبال».
وأصل «يقيما» : يقوما ، فنقلت كسرة الواو إلى الساكن قبلها ، ثم قلبت الواو ياء ؛ لسكونها بعد كسرة ، وقد تقدّم تقريره في قوله : (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٥].
وزعم بعضهم أنّ قوله : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ) معترض بين قوله : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ، وبين قوله : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ) ، وفيه بعد.
قوله : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) «لا» واسمها وخبرها ، وقوله : (فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) متعلّق بالاستقرار الذي تضمّنه الخبر ، وهو : «عليهما» ، ولا جائز أن يكون «عليهما» متعلّقا ب «جناح» و «فيما افتدت» الخبر ؛ لأنه حينئذ يكون مطوّلا ، والمطوّل معرب ، وهذا ـ كما رأيت ـ مبنيّ.
والضمير في «عليهما» عائد على الزوجين ، أي : لا جناح على الزوج فيما أخذ ، ولا على المرأة فيما أعطت ، وقال الفراء (٣) : إنّما يعود على الزوج فقط ، وإنما أعاده مثنى ، والمراد واحد ؛ كقوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن : ٢٢] (نَسِيا حُوتَهُما) [الكهف : ٦١] ؛ وقوله : [الطويل]
١١١٢ ـ فإن تزجراني يا بن عفّان أنزجر |
|
وإن تدعاني أحم عرضا ممنّعا (٤) |
وإنما يخرج من الملح ، والنّاسي «يوشع» وحده ، والمنادى واحد في قوله : «يا بن عفّان». و «ما» بمعنى «الذي» ، أو نكرة موصوفة ، ولا جائز أن تكون مصدرية ؛ لعود الضمير من «به» عليها ، إلا على رأي من يجعل المصدرية اسما ؛ كالأخفش وابن السّرّاج ومن تابعهما.
فصل
اعلم أنه ـ تعالى ـ لمّا أمر بأن يكون التّسريح بإحسان بين هنا أنّ من جملة
__________________
(١) البيت لأبي الغول الطهوي : ينظر النوادر (٤٦) ، الطبري ٤ / ٥٥٠ ، البحر ٢ / ٢٠٧ ، الدر المصون ١ / ٥٦١.
(٢) ينظر : المفردات للراغب ١٩٦.
(٣) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ١٤٧.
(٤) البيت لسويد بن كراع ينظر الصاحبي (١٨٦) ، شرح شواهد الشافية (٤٨٤) ، الدر المصون ١ / ٥٦١.