قال مالك : ومن الحقّ أن يكلّف الرّجل نفقة ولده وإن اشترط على أمّه نفقته إذا لم يكن لها ما تنفق عليه.
قوله : (وَمَنْ يَتَعَدَّ) «من» شرطية في محلّ رفع بالابتداء ، وفي خبرها الخلاف المتقدّم.
وقوله : «فأولئك» جوابها ، ولا جائز أن تكون موصولة ، والفاء زائدة في الخبر لظهور عملها الجزم فيما بعدها ، و «هم» من قوله : «فأولئك هم» يحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون فصلا.
والثاني : أن يكون بدلا.
و «الظّالمون» على هذين خبر «أولئك» والإخبار بمفرد.
والثالث : أن يكون مبتدأ ثانيا ، و «الظّالمون» خبره ، والجملة خبر «أولئك» ، والإخبار على هذا بجملة. ولا يخفى ما في هذه الجملة من التأكيد ؛ من حيث الإتيان باسم الإشارة للبعيد ، وتوسّط الفصل والتعريف بالألف واللام في «الظّالمون» أي : المبالغون في الظلم. وحمل أولا على لفظ «من» ، فأفرد في قوله «يتعدّ» ، وعلى معناها ثانيا ، فجمع في قوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
فصل
و «حدود الله» : أوامره ونواهيه ، وهي : ما منع الشرع من المجاوزة عنه ، وفي المراد من «الظّلم» هنا ثلاثة أوجه :
أحدها : اللّعن لقوله تعالى : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هود : ١٨].
وثانيها : أن الظّلم [اسم ذمّ وتحقير ، فيكون جاريا مجرى الوعيد.
وثالثها : أنّ إطلاق الظلم](١) هنا تنبيه على أن الإنسان ظلم نفسه ؛ حيث أقدم على المعصية ، وظلم المرأة : بتقدير ألا تتمّ عدّة الرجل ، أو كتمت شيئا ، ممّا خلق الله في رحمها ، أو ترك الرجل الإمساك بالمعروف ، والتّسريح بالإحسان ، أو أخذ شيئا مما أتاها بغير سبب من نشوز ، فكل هذه المواضع تكون ظلما للغير.
قوله تعالى : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(٢٣٠)
أي : من بعد الطلاق الثالث ، فلمّا قطعت «بعد» عن الإضافة بنيت على الضّمّ ؛ لما تقدّم تقريره. و «له» و «من بعد» ، و «حتى» ثلاثتها متعلقة ب «يحلّ». ومعنى «من»:
__________________
(١) سقط في ب ..