البقاء (١) ، وجعله جيّدا ، وهذا غير جيّد ؛ لأنه يلزم منه حذف حرف الجرّ وإبقاء عمله ، ولا يجوز ذلك إلا في صور ليس هذا منها ، على خلاف في بعضها ، ونصّ النّحويّون على أنّه ضرورة ؛ كقوله : [الطويل]
١٠٦٣ ـ إذا قيل : أيّ النّاس شرّ قبيلة |
|
أشارت كليب بالأكفّ الأصابع (٢) |
أي : إلى كليب فهذه أربعة أوجه ، أجودها الثاني.
ونقل بعضهم أنّ الواو في المسجد هي واو القسم فيكون مجرورا.
وأمّا رفعه فوجهه أنّه عطف على «وكفر» على حذف مضاف تقديره «وكفر بالمسجد» فحذفت الباء ، وأضيف «كفر» إلى المسجد ، ثمّ حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، ولا يخفى ما فيه من التّكلّف.
فصل
وفي الصّدّ عن سبيل الله وجوه :
أحدها : أنّه صدّ عن الإيمان بالله ورسوله.
وثانيها : صدّ المسلمين عن الهجرة للرّسول عليهالسلام.
وثالثها : صدّ المسلمين عام الحديبية عن العمرة.
ولقائل أن يقول : دلّت الرّوايات على أنّ هذه الآية ، نزلت قبل غزوة بدر باعثا للرّسول مستحقّا للعبادة قادرا على البعث ، وأما «المسجد الحرام» فإن عطفناه على الضّمير في «به» ؛ كان المعنى : وكفر بالمسجد الحرام ومعنى الكفر بالمسجد الحرام هو منع النّاس عن الصّلاة ، والطّواف به ، فقد كفروا بما هو السّبب في فضيلته الّتي بها يتميّز سائر البقاع. وإن عطفناه على «سبيل الله» كان المعنى : وصدّ عن المسجد الحرام ، وذلك لأنّهم صدّوا الطّائفين ، والعاكفين ، والرّكّع السّجود عن المسجد الحرام.
قوله : (وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ) عطف على «كفر» ، أو «صدّ» على حسب الخلاف المتقدّم ، وهو مصدر حذف فاعله ، وأضيف إلى مفعوله ، تقديره : «وإخراجكم أهله».
والضّمير في «أهله» و «منه» عائد على المسجد وقيل : الضّمير في «منه» عائد على سبيل الله ، والأوّل أظهر و «منه» متعلّق بالمصدر.
قوله : «أكبر» فيه وجهان :
أحدهما : أنه خبر عن الثلاثة ، أعني : صدّا وكفرا ، وإخراجا كما تقدّم ، وفيه حينئذ احتمالان :
__________________
(١) ينظر : المصدر السابق.
(٢) تقدم برقم ٣١٣.