فصل في أحكام الحضانة
قال القرطبي (١) : في هذه الآية دليل لمالك على أنّ الحضانة للأم ، وهي في الغلام إلى البلوغ ، وفي الجارية إلى النّكاح ، وذلك حقّ لها.
وقال الشّافعيّ (٢) : إذ بلغ الولد ثماني سنين ، وهو سنّ التّمييز ، خيّر بين أبويه ، فإنه في تلك الحالة تتحرّك همّته لتعلّم القرآن ، والأدب ، والعبادات ، وذلك يستوي فيه الغلام والجارية.
وروى أبو هريرة : «أنّ امرأة جاءت إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالت له : إنّ زوجي يريد أن يذهب بابني ، وقد سقاني من بئر أبي عنبة وقد نفعني ، فقال النّبيّ لله صلىاللهعليهوسلم : «إستهما عليه» فقال زوجها : من يحاقّني في ولدي؟ فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «هذا أبوك ، وهذه أمّك ، فخذ بيد أيّهما شئت» فأخذ بيد أمه فانطلقت به» (٣).
ودليلنا ما روى أبو داود ، عن عبد الله بن عمرو : أنّ امرأة قالت : يا رسول الله إنّ ابني هذا كانت بطني له وعاء ، وثديي له سقاء ، وحجري له حواء ، وإنّ أباه طلّقني ، وأراد أن ينزعه مني ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنت أحقّ به ما لم تنكحي» (٤).
فصل من أحق بالحضانة إذا تزوجت الأم؟
قال ابن المنذر : أجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على ألّا حقّ للأمّ في الولد إذا تزوّجت.
وقال مالك ، والشّافعيّ ، والنّعمان ، وأبو ثور : إنّ الجدّة أمّ الأمّ أحقّ بحضانة الولد ، واختلفوا إذا لم يكن له أمّ ، وكانت له جدّة أمّ أب ، فقال مالك : أمّ الأب أحقّ إذا لم يكن للصّبي خالة. وقال الشّافعيّ : أمّ الأب أحقّ من الخالة.
فصل الحضانة للقادر على حقوق الولد
ولا حضانة لفاجرة ، ولا لضعيفة عاجزة عن القيام بحقّ الولد.
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٠٨.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٠٨.
(٣) أخرجه أبو داود (٢٢٧٧) وابن ماجه (٢٣٥١) والترمذي (١٣٥٧) والحميدي (٢ / ٤٦٤) رقم (١٠٨٣) وأحمد (٢ / ٢٤٦) والشافعي في «الأم» (٥ / ٩٢) والبيهقي (٨ / ٣) والبغوي في «شرح السنة» (٩ / ٣٣١) والحاكم (٤ / ٩٧) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٤ / ١٧٦) وابن حبان (١٢٠٠ ـ موارد) وأبو يعلى (٣ / ٥١٢) رقم (٦١٣١) وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
(٤) أخرجه أبو داود (٢٢٧٦) والدارقطني (٤١٨) والحاكم (٢ / ٢٠٧) والبيهقي ٨ / ٤ ـ ٥) وأحمد (٢ / ١٨٢) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.