وروي عن مالك : أنّ الحضانة للأمّ ، ثم الجدّة للأمّ ، ثم الخالة ، ثمّ الجدة للأب ، ثم أخت الصّبيّ ، ثم عمّته.
فصل
قال القرطبيّ (١) : إذا تزوّجت الأمّ لم ينزع منها ولدها حتى يدخل بها زوجها في المشهور عندنا.
وقال ابن المنذر (٢) : إذا خرجت الأمّ عن بلد ولدها ، ثمّ رجعت إليه ، فهي أحقّ بولدها : في قول الشّافعيّ ، وأبي ثور ، وأصحاب الرّأي وكذلك لو تزوّجت ثمّ طلّقت ، أو توفّي عنها زوجها ، رجعت إلى حقّها في الولد ، فإن تركت حقّها من الحضانة ، ولم ترد أخذه ، وهي فارغة غير مشغولة بزوج ، ثم أرادت بعد ذلك أخذه كان لها ذلك.
وقال القرطبيّ (٣) : إن كان تركها له من عذر ، كان لها ذلك ، وإن تركته رفضا له ، ومقتا ، لم يكن لها بعد ذلك أخذه.
فصل
فإن طلّقها الزّوج ، وكانت الزّوجة ذمّية ، فلا حضانة لها.
وقال أبو ثور ، وأصحاب الرّأي ، وابن القاسم : لا فرق بين الذّميّة والمسلمة. وكذلك اختلفوا في الزّوجين ؛ يفترقان أحدهما [حرّ] والآخر مملوك.
قوله : «له» في محلّ رفع لقيامه مقام الفاعل.
قوله : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ) فيه دلالة على ما يقوله النّحويّون ، وهو أنّه إذا اجتمع مذكّر ومؤنّث ، معطوفا أحدهما على الآخر ، كان حكم الفعل السابق عليهما للسابق منهما ، تقول : قام زيد وهند ، فلا تلحق علامة تأنيث ، وقامت هند وزيد ، فتلحق العلامة ، والآية الكريمة من هذا القبيل ، ولا يستثنى من ذلك إلّا أن يكون المؤنث مجازيّا ، فيحسن ألّا يراعى المؤنّث ، وإن تقدّم ؛ كقوله تعالى : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) [القيامة : ٩].
وفي هذه الجمل من علم البيان : الفصل ، والوصل.
أما الفصل : وهو عدم العطف بين قوله : (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ) ، وبين قوله : (لا تُضَارَّ) ؛ لأنّ قوله : «لا تضارّ» كالشّرح للجملة قبلها ؛ لأنه إذا لم تكلّف النفس إلّا طاقتها ، لم يقع ضرر ، لا للوالدة ، ولا للمولود له. وكذلك أيضا لم يعطف : «لا تكلّف نفس» على ما قبلها ؛ لأنها مع ما بعدها تفسير لقوله «بالمعروف».
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١١٠.
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١١٠.