فصل في كون الآية ناسخة
أجمع الفقهاء على أنّ هذه الآية ناسخة لما بعدها من الاعتداد بالحول ، وإن كانت متقدّمة في التّلاوة غير أبي مسلم الأصفهانيّ (١) ، فإنّه أبى نسخها ، وسيأتي كلامه إن شاء الله تعالى. والتقدّم في التلاوة لا يمنع التأخّر في النزول.
فصل في ابتداء هذه المدّة
اختلفوا في ابتداء هذه المدّة ، فقال بعضهم : ابتداؤها من حين العلم بالوفاة ؛ لقوله تعالى : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) والتربص بأنفسهن لا يحصل إلّا بقصد التربّص ، والقصد لا يكون إلا مع العلم.
وقال الأكثرون : ابتداؤها من حيث الموت ؛ لأنّه سببها ، فلو انقضت المدّة أو أكثرها ، ثم بلغها خبر الوفاة ، اعتدّت بما انقضى من المدّة ، ويدلّ على ذلك أنّ الصّغيرة الّتي لا علم لها يكفي في انقضاء عدّتها مضيّ هذه المدة.
فصل في وجوب نفقة الحامل
قال القرطبيّ (٢) : أجمع العلماء على أنّ نفقة المطلّقة إذا كانت حاملا واجبة ؛ لقوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) [الطلاق : ٦] ، واختلفوا في وجوب نفقة الحامل المتوفّى عنها زوجها ، فقال ابن عبّاس ، وسعيد بن المسيّب ، وعطاء ، والحسن ، وعكرمة ، ويحيى الأنصاريّ ، وربيعة ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق (٣) : ليس لها نفقة ، وحكاه أبو عبيد عن أصحاب الرأي.
وروي عن عليّ ، وعبد الله : أنّ لها النفقة من جميع المال ، وبه قال ابن عمر ، وشريح ، وابن سيرين ، والشّعبيّ ، وأبو العالية ، والنّخعيّ ، وحماد بن أبي سلمان ، وأيّوب السّختيانيّ وسفيان الثوريّ ، وأبو عبيد (٤).
فصل
روي عن أبي العالية وسعيد بن المسيّب ؛ أن الله تعالى حدّ العدة بهذا القدر ؛ لأنّ الولد ينفخ فيه الرّوح في العشر بعد الأربعة ، وهو منقول عن الحسن البصريّ (٥).
فصل
احتجّ من قال إنّ الكفّار ليسوا مخاطبين بفروع الإسلام ؛ بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ١٠٩.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٢٢.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٢٢.
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٩٢) عن سعيد المسيب.