يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) قالوا : هذا خطاب مع المؤمنين ، فاختصّ بهم ، وجوابه أنّ المؤمنين ، لمّا كانوا هم العاملين بذلك ، خصّهم بالذّكر ؛ كقوله : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) [النازعات : ٤٥] مع أنّه كان منذرا للكلّ ؛ لقوله تعالى : (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) [الفرقان : ١].
قوله : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) : أي إذا انقضت هذه المدة ، (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) قيل الخطاب مع الأولياء ؛ لأنّهم الذين يتولّون العقد.
وقيل الخطاب للحكّام.
قوله : (فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ) أي : من اختيار الأزواج دون العقد ، فإن العقد إلى الوليّ.
وقيل : فيما فعلن من التّزيّن للرجال زينة لا يشكرها الشّرع.
فصل في وجوب الإحداد في عدّة الوفاة
يجب عليها الإحداد في عدّة الوفاة ، وهو الامتناع من الزّينة والطّيب ، فلا يجوز لها تدهين رأسها بأيّ دهن كان ، سواء كان فيه طيب أو [لم يكن](١) ، [ولها تدهين جسدها بدهن لا طيب فيه ، فإن كان فيه طيب ، فلا يجوز](٢) ، ولا يجوز لها أن تكتحل بكحل فيه طيب وفيه زينة ، كالكحل الأسود ، ولا بأس بالكحل الفارسيّ الذي لا زينة فيه ، فإن اضطرت إلى كحل فيه زينة فرخص فيه كثير من أهل العلم منهم سالم بن عبد الله ، وسليمان بن يسار ، وعطاء والنخعيّ (٣) ، وبه قال مالك وأصحاب الرأي.
وقال الشّافعيّ : تكتحل به ليلا وتمسحه نهارا.
قالت أمّ سلمة : دخل عليّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين توفّي أبو سلمة ، وقد جعلت عليّ صبرا ، فقال : إنّه يشبّ الوجه ، فلا تجعليه إلّا باللّيل وتنزعيه بالنّهار (٤).
ولا يجوز لها الخضاب ، ولا لبس الوشي والدّيباج والحليّ ، ويجوز لها لبس البيض من الثّياب ، ولبس الصوف والوبر ، ولا تلبس الثّوب المصبوغ ؛ كالأحمر ، والأصفر ، والأخضر النّاضر ، ويجوز ما صبغ لغير زينة ؛ كالسّواد والكحليّ.
وقال سفيان : لا تلبس المصبوغ بحال (٥).
فصل في العدة في بيت الزوج
قال القرطبيّ (٦) : إذا كان الزّوج يملك رقبة المسكن ، فإنّ للزوجة العدّة فيه ، وعليه
__________________
(١) في ب : لا.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٢١٤.
(٤) أخرجه أبو داود (١ / ٧٠٣ ـ ٧٠٤) والنسائي (٦ / ٢٠٤) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٢ / ٤٩).
(٥) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٢١٤.
(٦) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١١٧.