وغيرهم ، والتعريض أن يذكر كلاما يحتمل المقصود وغيره ، إلّا أنّ قرينة الحال تؤكّد حمله على المقصود.
وقال الفراء (١) : الخطبة مصدر بمعنى الخطب ، وهي مثل قولك : إنّه لحسن القعدة والجلسة تريد : القعود والجلوس والخطبة مصدر في الأصل بمعنى الخطب ، والخطب : الحاجة ، ثم خصّت بالتماس النكاح ؛ لأنه بعض الحاجات ، يقال : ما خطبك؟ أي : ما حاجتك. وفي اشتقاقه وجهان :
الأول : الأمر والشأن يقال ما خطبك؟ أي : ما شأنك؟ فقولهم : خطب فلان فلانة ، أي : سألها أمرا وشأنا في نفسها.
والثاني : أصل الخطبة من الخطابة الّذي هو الكلام ، يقال : خطب المرأة ، أي : خاطبها في أمر النّكاح ، والخطب : الأمر العظيم ؛ لأنّه يحتاج لخطاب كثير. والخطبة بالضّم ، الكلام المشتمل على الوعظ والزّجر ، وكلاهما من الخطب الذي هو الكلام ، وكانت سجاح يقال لها خطب فتقول : نكح.
قوله تعالى : (مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ) في محلّ نصب على الحال ، وفي صاحبها وجهان :
أحدهما : الهاء المجرورة في «به».
والثاني : «ما» المجرورة ب «في» ، والعامل على كلا التقديرين محذوف ، وقال أبو البقاء (٢) : حال من الهاء المجرورة ، فيكون العامل فيه «عرّضتم» ، ويجوز أن يكون حالا من «ما» فيكون العامل فيه الاستقرار. قال شهاب الدين : وهذا على ظاهره ليس بجيّد ؛ لأنّ العامل فيه محذوف ؛ على ما تقرّر ، إلا أن يريد من حيث المعنى لا الصناعة ، فقد يجوز له ذلك.
والخطبة بكسر الخاء ـ فعل الخاطب ـ : من كلام وقصد ، واستلطاف ، بفعل أو قول. يقال : خطبها يخطبها خطبا ، أو خطبة ، ورجل خطّاب كثير التصرف في الخطبة ، والخطيب : الخاطب ، والخطّيبى : الخطبة ، والخطبة فعله : كجلسة ، وقعدة ، وخطبة ـ بضّم الخاء ـ هي الكلام الذي يقال في النكاح ، وغيره.
قال النحاس : «والخطبة» ما كان لها أوّل وآخر ، وكذلك ما كان على فعله ، نحو الأكلة ، والضّغطة (٣).
فصل في جواز التعريض بالخطبة في عدة الوفاة
التعريض بالخطبة مباح في عدّة الوفاة ، وهو أن يقول : ربّ راغب فيك ، ومن يجد
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ١٥٢.
(٢) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٩٨.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٢٥.