مثلك ، إنّك لجميلة إنّك لصالحة ، إنّك عليّ كريمة ، إنّي فيك لراغب ، وإن من غرضي أن أتزوّج ، وإن جمع الله بيني وبينك بالحلال أعجبتني ، وإن تزوّجتك لأحسن إليك ، ونحو ذلك من الكلام ، من غير أن يقول : أنحكيني.
والمرأة تجيبه بمثله ، إن رغبت فيه.
وقال إبراهيم : لا بأس أن يهدي لها ويقوم بشغلها في العدة ، إذا كانت غير شابة (١).
روي أنّ سكينة بنت حنظلة ؛ بانت من زوجها ، فدخل عليها أبو جعفر محمّد بن علي الباقر في عدّتها ، وقال : يا ابنة حنظلة ، أنا من قد علمت قرابتي من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وحقّ جدّي عليّ ، وقدمي في الإسلام ، فقالت له سكينة : أتخطبني وأنا في العدّة ، وأنت يؤخذ عنك؟ فقال أو قد فعلت؟ إنّما أخبرتك بقرابتي من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (٢).
وقد دخل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على أمّ سلمة ، وهي في عدّة من زوجها ، أبي سلمة ، فذكر لها منزلته من الله ـ عزوجل ـ وهو متحامل على يده ؛ حتّى أثّر الحصير في يده من شدّة تحامله على يده (٣).
فصل
والنّساء في حكم الخطبة على ثلاثة أقسام :
الأول : التي يجوز خطبتها تعريضا ، وتصريحا ؛ وهي الخالية عن الأزواج والعدد إلّا أن يكون خطبها غيره ؛ لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «لا يخطبنّ أحدكم على خطبة أخيه» ، وهذا الحديث وإن كان مطلقا ففيه ثلاثة أجوال :
الحالة الأولى : أن يخطب الرجل ، فيجاب صريحا ؛ فها هنا لا يحلّ لغيره أن يخطبها.
الحالة الثانية : أن يجاب بالردّ صريحا ؛ فها هنا يحلّ لغيره أن يخطبها.
الحالة الثالثة : ألّا يوجد صريح الإجابة ، ولا صريح الرّدّ ؛ فها هنا فيه خلاف.
فقال بعضهم تجوز خطبتها ؛ لأن السكوت لم يدلّ على الرّضا وهو الجديد عن الشّافعيّ.
وقال مالك : لا يجوز ، وهو القديم ؛ لأنّ السكوت وإن لم يدلّ على الرضا ، لكنه لا يدلّ أيضا على الكراهة ، فربّما حصلت الرغبة من بعض الوجوه ؛ فتصير هذه الخطبة الثانية مزيلة لذلك القدر من الرغبة.
__________________
(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٢١٦.
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٩٩ ـ ١٠٠) وذكره ابن كثير في «تفسيره» (١ / ٥٦٧).