أي : وأظلّ عليه.
والثالث : أنه منصوب على المصدر ؛ فإنّ المعنى : ولا تعقدوا عقدة ؛ فكأنه مصدر على غير الصّدر ؛ نحو : قعدت جلوسا ، والعقدة مصدر مضاف للمفعول ، والفاعل محذوف ، أي : عقدتكم النّكاح.
قوله تعالى : (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) في «الكتاب» وجهان :
أحدهما : أن المراد به المكتوب ، والمعنى : حتى تبلغ العدّة المفروضة آخرها.
الثاني : أن يكون المراد «الكتاب» نفسه ، لأنه في معنى الفرض ؛ كقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) [البقرة : ١٨٣] فيكون المعنى : حتى يبلغ هذا التكليف آخره ونهايته ، وقال تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) [النساء : ١٠٣] أي : مفروضة.
قال القرطبي (١) : وقيل : في الكلام حذف ، أي : حتى يبلغ فرض الكتاب أجله ، فالكتاب على هذا المعنى بمعنى القرآن.
ثم قال تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ) وهذا تنبيه على أنّه تعالى لمّا كان عالما بالسرّ ، والعلانية ؛ وجب الحذر منه في السرّ ، والعلانية ، فالهاء في «فاحذروه» تعود على الله تعالى ، ولا بدّ من حذف مضاف ، أي : فاحذروا عقابه. ويحتمل أن تعود على «ما» في قوله (ما فِي أَنْفُسِكُمْ) بمعنى ما في أنفسكم من العزم على ما لا يجوز ، قاله الزمخشريّ.
ثم قال : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) أي : لا يعجّل بالعقوبة.
قوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ)(٢٣٦)
قوله : «ما لم» في «ما» ثلاثة أقوال :
أظهرها : أن تكون مصدرية ظرفية ، تقديره : مدّة عدم المسيس ، كقوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [هود : ١٠٧] وقوله : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ) [المائدة : ١١٧].
وقول الآخر : [الكامل]
١١٤٣ ـ إنّي بحبلك واصل حبلي |
|
وبريش نبلك رائش نبلي |
ما لم أجدك على هدى أثر |
|
يقرو مقصّك قائف قبلي (٢) |
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٢٧.
(٢) البيت لامرئ القيس ينظر ديوانه ص ٢٣٩ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٠٦ ، ولسان العرب (حبل) ، وللنمر بن تولب ينظر ملحق ديوانه ص ٤٠٥ ، ورصف المباني ص ٤٤٧ ، والكتاب ١ / ١٦٤ ، والبحر ٢ / ٢٤٠ ، والجمل (٩٨) ، والدر المصون ١ / ٥٨١.